إن الطبيب المسلم صاحب رسالة، إنسان يؤمن بالله واليوم الآخر، ويحتسب الأجر ويدعو إلى الله على بصيرة، إنه صاحب رسالة شرعية إسلامية قبل أن يكون صاحب رسالة علاجية أو مهمة طبية وهذه المسألة التي يقل من يستشعرها من الأطباء عموماً إلا من رحم الله ..

لذلك ينبغي عليه أن يكون تقياً..(ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله )..فهي وصية الله للأولين والآخرين..هذه التقوى مهمة جداً في حياة الطبيب المسلم والطبيبة المسلمة .. وهي التي تدفعه إلى ممارسة طب يعرفه وعدم ممارسة طب لا يتقنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن )..

هذه التقوى التي تجعله يتقن عمله ويقاوم المتاجرة في المهنة والتعامل مع شركات الأدوية معاملة غير شرعية كأن يقبل أن يجرب الأدوية على المرضى كما يحدث في كثير من دول العالم الثالث،

هذه التقوى التي تجعله يخلص في وصف الدواء ولا يستجيب لدعايات شركات الأدوية التي تعطيه دعايات وهي رشوة في الحقيقة، هذه التقوى التي تجعله لا ينظر إلى المرأة الأجنبية إلا إذا دعت الضرورة ، وأن يقوم بتحويل المريضة على طبيبة تكفي، وأن يغض بصره لقول الله تعالى : ( وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)، وأن يراعي القواعد الشرعية في العلاج من جهة الترتيب، فالمرأة المسلمة على سبيل المثال تعرض على الطبيبة المسلمة أولاً فإن لم توجد فالطبيبة الكتابية ولو كانت كافرة، ثم الطبيب المسلم ثم الطبيب الكافر،

التقوى التي تجعل الطبيب المسلم مالا تدعو الحاجة إلى كشفه من العورات وإذا كشف على امرأة في الضرورة فبحضرة محرمها، وإن كان لا يحتاج إلى اللمس فإنه لا يلمس أو من وراء حائل كالقفاز مثلاً، هذا الطبيب الذي يراعي تحرج المرأة المسلمة فلا يهجم عليها هجوماً أو أنه يتبرم و يتأفف إن حصل من المرأة شيء من التمنع خصوصاً هذه المرأة المسلمة التي تخشى الله ولا تريد أن تكشف من جسمها شيئاً بسرعة، وبعض الأطباء ربما يغضب بل إن أحد الفسقة من الاستشاريين إذا تمنعت المرأة المسلمة عنده من الكشف وتحرجت أغلق ملفها ورفض معالجتها،

هذا الطبيب المسلم الذي لا يكشف عن موضع لا يحتاج إلى كشف وهو يقدر الضرورة بقدرها وإن كانت القضية لا تحتاج إلى كشف العضو كاملاً كشف عن الجزء من العضو فقط، إنه لا يتساهل خصوصاً في مواضع العورة المغلظة ، إنه طبيب يسعى إلى رفع الضرورة وليس فقط العلاج بحجة الضرورة،لأن من قواعد الضرورة أننا نسعى إلى إزالته و ليس أن نبقى باستمرار في حال الضرورة،

و كذلك إذا كان مشرفاً أو مدرساً إنه لا يحوج المرأة المسلمة المتدربة أو الدارسة تحت التدريب إلى مالا تدعو الحاجة إليه. وكذلك فإنه لا يحول إلى طبيب استشاري إذا وجدت الطبيبة وهكذا يتقي الله سبحانه وتعالى، ويعلم مدى غلظ العورات في الشريعة والقضية عنده بمقدار ..

أيها الأخوة والأخوات .. إن هناك في أمور الامتحانات التي تحدث في عالم الطب والكليات ما يجب أن تراعى فيه حدود الله عز وجل ولا تتعدى، وبعض الناس ربما تجاوز بحجة الضرورة وليس هناك ضرورة أصلاً، يجب أن نسعى في علاج الأوضاع الخاطئة الموجودة في الصروح الطبية ، لأن الطبيب المسلم من خوفه من وتقواه لله سبحانه وتعالى فهو غيور ، صاحب غيرة ، لم تذهب كثرة الكشوفات غيرته، ولم يتبلد إحساسه من كثرة ممارسة الطب، بل لا يزال يشعر بالتحرج ، ولا يزال يراعي موضوع الحشمة ويراعي مسألة الفصل بين الجنسين لأنها مسألة شرعية وخط أحمر لا يجوز انتهاكه بحال من الأحوال، إلا ما دعت الضرورة إليه مما لابد منه ، وهذه قضية يحدث فيها التساؤل خصوصاً في عالم الانحرافات  التي تدعو إلى الدخول في المجالات المحرمة بحجة الضرورة فيتوسعون في الضرورة ولا يقدرونها حق قدرها وكذلك لا يسعون إلى إزالتها، ثم هذا الطبيب المسلم كذلك و الطبيبة المسلمة أيضاً

من تقواه لله سبحانه وتعالى يرفض أن يكون في موضع خلوة حتى ولو كانت خلوة يسيرة في مصعد. إنما إذا صارت القضية إلى أخذ معلومات أو مناقشة يكون ذلك بحضور ولو شخص آخر ثالث في الغرفة قدر المستطاع أو الجلوس في مكان مكشوف يرى من جميع نواحيه وأجزائه لا تغطيه حواجز لأن الشيطان حريص كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ماخلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)