الحكيمة صبحة الشرافي 30 عاماً من العطاء

الصحة / آيات الحاج

يضم طاقم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة العديد من الكوادر التي فنت عمرها في خدمة أبناء شعبنا وتقديم أفضل خدمة صحية ممكنة لمتلقي الخدمة الصحية ونحن اليوم نستعرض أم المحطات في حياة كادر من كوادر وزارة الصحة وهي الحكيمة / صبحة الشرافي، درست الحكيمة الشرافي دبلوم تمريض لمدة ثلاثة سنوات في مدرسة الحكيمات والحكماء في مستشفى النصر، لتتوظف بعد تخرجها ممرضة في عيادة جباليا في محافظة شمال غزة في قسم الولادة في فحص الحوامل وتطعيم الأطفال.

ثم انتقلت في عام 1985م وعقب زواجها في مدينة رفح إلى العمل في عيادة رفح – تل السلطان كممرضة، ولم تقف عند هذا الحد بل سعت إلى تطوير دراستها الأكاديمية وخبراتها ففي علم 1986م درست دبلوم قبالة في معهد مستشفى صرفند في الداخل الفلسطيني لتعتمد بعدها لقابلة قانونية عملت فور افتتاح قسم الولادة في عيادة تل السلطان ولمدة ثلاث سنوات لقابلة تقوم بتوليد النساء في تلك الفترة التي كانت فيها أغلب النساء يلدن في العيادات وليس في المستشفيات ، حيث عاصرت في هذه المرحلة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى حيث كانت تخرج أثناء منع التجوال حاملة معها شنطة الطوارئ الخاصة بعملها كقابلة والتصريح وقطعة قماش بيضاء ترفعها أثناء تنقلها من بيت لبيت لتقوم بتوليد النساء اللاتي لا يستطعن التوجه للعيادة أثناء منع التجول والذي كان يستمر لفترات طويلة تتعدى الأسبوعين والثلاثة.

في عام 1989م انتقلت للعمل في قسم الولادة في عيادة الرحمة في حي الشجاعية غرب مدينة غزة وتوضح قائلة : ” كنت أقوم بواجبي وأداوم في عيادة الرحمة اذا كانت الطرق مفتوحة ومنع التجول مرفوع ، أما في حالة منع التجوال كنت أداوم في عيادة تل السلطان في مدينة رفح “.

افتتاح مستشفى ابو يوسف النجار

وأضافت : ” بقيت أعمل في عيادة الرحمة حتى العام 2000م حين تم افتتاح مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار في مدينة رفح ، تم نقلي للعمل رئيس تمريض قسم الحريم في المستشفى ، وكان معروف عني في المستشفى أنني كنت أحتفظ بأدوية ومستهلكات طبية تكفي القسم لمدة شهر على الأقل “

ولادة تحت اطلاق الرصاص

 ” من المواقف التي لن أنساها والتي حدثت معي خلال عملي في مستشفى أبو يوسف النجار هو اتصال رجل يسكن في المناطق الشرقية لمدينة رفح أثناء اجتياح القوات الصهيونية للمنطقة واستنجد بنا لأن زوجته في حالة ولادة ويخشى عليه وعلى الجنين الوفاة ولا يستطيع جلبها للمستشفى لأن الدبابات تحاصر المكان وليس لديه دراية في التعامل معها “

وتابعت قائلة : ” قمت بالتوجه إلى المكان أنا وسائق الاسعاف ولم يسمح لنا بالدخول فترجلت أنا والسائق من الاسعاف ومعنا النقالة وقمنا برفع قطعة قماش بيضاء وقمنا بالتواصل مع الارتباط ليقوم بالتنسيق لنا بالدخول ورغم ذلك وطوال المسافة التي قطعناها من الاسعاف حتى بيت السيدة واطلاق الرصاص فوق رؤوسنا وتحت أرجلنا لإرهابنا وارغامنا على العودة مرة أخرى لكننا أصرينا على التوجه لمنزل السيدة وانقاذها هي وجنينها وبالفعل وصلنا وأخرجنا السيدة وأولادها وزوجها ، وحتى اليوم كلما يجمعنا القدر بها أو بزوجها في مكان ما فإنه يشكرني على موقفي ، ولكن ما فعتله يومها لم يكن منة مني وإنما واجبي تجاه أبناء شعبي “.

50 حالة ولادة في البيت

اجتاحت القوات الصهيونية في عام 2004م حي تل السلطان في مدينة رفح وعزلته عن باقي المدينة ولم يكن يوجد في الحي آنذاك مستشفى وإنما فقط عيادة وكالة الغوث وعيادة الحكومة وتقول الحكيمة الشرافي عن تلك الأيام : ” كنت محاصرة في بيتي ولم أستطع الوصول إلى عملي بسبب محاصرة حي تل السلطان حيث اسكن وعزله عن باقي مدينة رفح ، فقمت بعمل نقطة اسعاف اولي في بيتي بمساعدة ابني وهو فني أشعة بعمل الاسعافات الأولية التي نستطيع عملها للمصابين بالإضافة إلى أنني كنت أتنقل حاملةً حقيبتي وبطاقتي الوظيفية وقطعة قماش بيضاء من بيت لبيت حيث كنت أصعد على السلالم وأنزل من بيت لبيت حتى أقوم بتوليد النساء وقمت في تلك الفترة بتوليد ما يقارب 50 حالة سواء في بيتي أو كنت أذهب إليهن في بيوتهن ، بالإضافة إلى اسعاف ما يقارب 200حالة حيث قامت القوات الصهيونية بقصف البيت المقابل لبيتي وقمنا بإسعاف من تمكنا من الوصول اليه تحت اطلاق الرصاص وقصف الدبابات كانت فترة صعبة جداً”.

إنشاء مستشفى الهلال الاماراتي

بعد اجتياح حي تل السلطان وعزله عن مدينة رفح ، قام وجهاء المدينة بالسعي لافتتاح مستشفى في داخل الحي في حال لو قامت قوات الاحتلال الصهيونية بعزل المنطقة مرة اخرى يقوم هذا المستشفى باستقبال الاصابات وعلاجها وتم البدء في انشاء المستشفى وفي عام 2006م تم افتتاح المستشفى وتخصيصه لأمراض النساء والولادة وبسبب مؤهل الحكيمة الشرافي الخاص بالقبالة وبسبب خبرتها في هذا المجال تم نقلها لتكون ضمن الفريق الذي أشرف وعمل على تجهيز المستشفى قبل افتتاحها واستمرت في العمل في المستشفى حتى الآن .

وأوضحت الحيمة الشرافي قائلة : ” مرت علينا فترات صعبة في المستشفى مثل فترة الاستنكاف حيث كنا عمل لفترات طويلة حيث كان تصل مدة الشفت إلى 12أو 18 ساعة ، وحاولنا في تلك الفترة بكل جهدنا أن نغطي النقص الحاصل في عدد الموظفين من خلال اقناعهم بالعودة إلى عملهم أو دعوة آخرين ليحلوا محلهم والحمدلله بتعاون الإدارة والفريق المتبقي ومن تطوع في حينها تمكنا من تجاوز هذه المحنة الكبيرة ، واليوم مستشفى الاماراتي من أهم المستشفيات على مستوى القطاع ويقدم خدمة متميزة للأم الحامل ولطفلها ، وكنا نساعد جميع السيدات اللاتي يدخلن المستشفى وبعض الحالات كانت مقررة قيصري ولكننا وعن طريق بعض التمارين الخاصة وبالسجود وبعض التدليك للرحم استطعنا تحويلها من حالات قيصرية إلى حالات ولادة طبيعية وهذا بفضل الله”.

30 عام في الخدمة الصحية

قضت الحكيمة صبحة الشرافي 30 عام من عمرها في مؤسسات الخدمة الصحية تعالج المرضى وتقوم بتوليد السيدات وبعد هذه الفترة الطويلة ونتيجة لتقدمها في العمر قررت الخروج للتقاعد ، ما كان منا إلا أن نكرمها لهذه السنوات الطويلة التي قضتها في خدمة أبناء شعبها وفي تقديم أفضل خدمة صحية ممكنة تحت منع التجوال وتحت إطلاق النار والقصف وأثناء الاجتياحات والحصار ورغم الاستنكاف.