الصحة/نهى مسلم
“تعامل حذر و دقة متناهية في التعامل مع عينات الفحص للحالات المشتبه بها يجعل الطواقم المخبرية أمام وضع أكثر تعقيدا خاصة و أنها تتطلب المزيد من مضاعفة الجهود و الاحترازية أما جهاز الفحص داخل غرفة العزل التى تم تخصيصها لفحوصات فيروس كورونا PCR”.
و تكمن الخطورة في سحب العينة في أولى مراحل فحص الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا (كوفيد 19) – يقول رامى المصرى رئيس قسم البيولوجيا الجزيئية بعيادة الرمال – من غرفة العزل ،و الخطورة الاكبر على الاخصائى الذى يجلس على جهاز الفحص، محتميا بملابسه المخصصة للوقاية والسلامة التى تحميه من فيروس مجهول ، واصفا الخدمة المقدمة أشبه بالسير في حقل “الخطر”؛ فأمامه فيروس ، لا مجال للخطأ، للاستهتار، لعدم التركيز،كوننا نستخلص في جهاز خاص المادة الجينية من الفيروس، ويكون حيا لكننا نتعامل معه بإجراءات السلامة بتغطية الجسم بالكامل حتى لا يصل الفيروس للجهاز التنفسي،والخطوة الثانية، تتعلق بتحضير مواد الفحص، ثم وضعها على هذا الجهاز (PCR) ومتابعة البيانات الصادرة وإخراج النتائج وهذه العملية تستمر لمدة ست ساعات”.
و يؤكد المصرى على ان غرفة العزل مجهزة بنظام يمنع بخروج الهواء من الغرفة لباقي أجزاء المختبر، ضمن مواصفات تضمن سلامة العاملين، مزودة بأحدث الأجهزة المعمول بها على مستوى العالم، فيها نظام هوائي لسحب الهواء في حال سكبت أنبوبة فحص على الأرض،مؤكدا فى الوقت ذاته على تعقيم الوعاء الناقل للعينات قبل ادخاله لغرفة العزل و بعد اخراجه منها .
طواقم مخبرية ترفع لهم القبعة لطالما كانوا في خط الدفاع الاول لسلامة مجمتعهم، آثرت أن تكون في مكان الخطر لتأدية مهامهم الانسانية التى شكلوا منها حصنا منيعا لتقويض انتشار الوباء.
و يتابع المصرى خلال لقاء اعلامى، وهو أب لثلاث أبناء أصغرهم ست سنوات : “نعمل حتى منتصف الليل، من ساعات الصباح حتى المساء على مدار 12 ساعة متواصلة، ولا نعرف النوم الا لساعات قلائل، لنباشر عملنا في اليوم التالى و هكذا باقى الطواقم العاملة في غرفة العزل التى شارفت على الشهر في ضغط عمل، لا ترى أطفالها، عدا عن القلق والخوف الذى ينتابهم و ذويهم”
ويقول بعبارات شوق وحنين ، أطفالى لا أستطيع احتضانهم كالعادة الا بعدما يتم اجراء كل وسائل السلامة بعد مغادرتى المختبر ،ليتم استكمال الاجراءات الوقائية داخل المنزل ليقابل أبنائه بعبارة”ممنوع اللمس” ،مؤكدا على أن مهنتهم هى الاخطر في زمن الكورونا.
من جانبها، أوضحت أخصائية البيولوجية الجزيئية “صابرين الكردى” و هى أم لخمسة أبناء، أنها تعمل في المختبر على مدار الساعة و تمتد حتى ساعات الفجر الاولى قائلة:”نحمل في أعناقنا جميعا حمل المسئولية المهنية والمجتمعية لان سلامة المجتمع من سلامة الفحوصات و أصحابها ،معبرة في الوقت ذاته عن قلقها و تخوفها الكبير خاصة عندما تكون العينة ايجابية و تحتاج الى ساعات اطول لتأكيد الفحص مرة أخرى، معللة بذلك أن نتيجة الفحص هى مصير انسان وأمانة وعملا إنسانيا، فرغم التعب و الارهاق وبعدي عن أبنائي وعائلتي لكني أقوم بخدمة أبناء شعبى ”
“صابرين” التى تعمل للسنة الثامنة على التوالى في قسم البيولوجية الجزيئية كرست كل وقتها للعمل ،و تغادر المختبر في منتصف الليل لتجد أبنائها نائمين و خاصة الاصغر سنا منهم الذى يغلبه النوم و لا يتمكن من رؤية والدته على الدوام،مشيرا الى أنها تتخوف و ابنائها في حال طالت الازمة ان لا تقابل عائلتها على مائدة افطار رمضان، الى جانب الرواتب المتدنية التى أرغمتها على تقليص احتياجاتها اليومية والمعيشية”
“صابرين” واحدة من الجنود المجهولين من اخصائيى التحاليل الطبية الذين وهبوا حياتهم لخدمة ابناء شعبهم كونهم الدرع الواقى في هذه المحنة التى يعانى منها جميع دول العالم.
أكدت “صابرين” أنها تقدم و زملائها خدمة ودورا كبيرا، الذى يلازمه الخوف و القلق خاصة بعد ظهور حالات في غزة ووفيات بدول العالم، قائلة نحن نعمل في دائرة مغلقة لو سقطت واحدة سيكون الوضع صعبا على الجميع.
مدير دائرة المختبرات بوزارة الصحة أ. عميد مشتهى الذى يتابع سير العمل من داخل المختبر المركزى حتى ساعات الفجر الأولى، أكد أن الأجهزة المخبرية الموجودة مميزة ومتطورة، وتجري فحوصات متقدمة، كما أن التقنيات المستخدمة حديثة تضمن جودة النتائج”، مشيرا إلى أن أخصائيَ التحاليل بالمختبر على تواصل دائم مع زملائهم الأخصائيين في رام الله لتبادل الخبرات والزيارات المشتركة، وأن العديد من مختبرات قطاع غزة كمختبر جامعة الأقصى، وكلية العلوم والتكنولوجيا بخان يونس والعديد من المؤسسات الوطنية وضعت إمكانياتها في جزئية الأجهزة تحت تصرف الوزارة.
ويوضح مشتهى أنه في الوضع الطبيعي، يفوق عدد الفحوصات التي تجريها الوزارة عن 5 مليون فحص سنويا، ونتوقع أن تزيد الفحوصات بالمستشفيات في الوضع الحالي، بالتالي سيزيد العبء المترتب على العمل داخل مختبرات وزارة الصحة”.
يذكر أن خدمة المختبرات تُقدم فى ثلاث ادارات رئيسية، فمنها ما يقدم خدمات بالمستشفيات، ومنها فى الرعاية الاولية بما فيها مختبر للصحة العامة لفحص المياه والأطعمة ، و ثالثها المختبر المركزي.