بعد يومين من الحزن الذي ألمّ بإحدى العائلات الفلسطينية بقطاع غزة، عند سماعهم نبأ خبر ولادة طفلتهما الرضيعة بأنها تعاني من انسداد خلقي في مجرى التنفس.. هنا تدخلت العناية الإلهية في إعادة الأمل لذوي الطفلة بعد تلقيهم خبر نجاح العملية الجراحية التي أجريت لابنتهم في مستشفى غزة الأوروبي وهي في يومها الثاني، لتدخل الفرحة من جديد قلوب هذه العائلة لتخرج حينها أصوات الزغاريد في كل مكان من أروقة وساحات المستشفى، حيث عبّروا عن شكرهم وامتنانهم للفريق الطبي المعالج ولإدارة المستشفى على حسن الرعاية والاهتمام والخدمة التي تمّ تقديمها لابنتهم.

وذكرت إدارة المستشفى أنّ الفريق الطبي الفلسطيني بقيادة الطبيب إيهاب الزيان رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى غزة الأوروبي نجح في علاج الطفلة التي كانت تعاني من اختناق وازرقاق منذ لحظة ولادتها، وقام بعمل الإسعافات الأولية اللازمة، حيث يتبين أنّ عند الطفلة عيب خلقي يتمثل في عدم وجود فتحات خلفية للتجويف الأنف، تؤدي إلى انسداد كامل للأنف، علماً أنّ الأطفال حديثي الولادة لا يستطيعون التنفس إلا من خلال الأنف، الأمر الذي دفع الأطباء لوضع أنبوب تنفس لهذا الطفل للحفاظ على حياته، ومن ثمّ تمّ إجراء عملية عاجلة لفتح مجرى التنفس الأنفي الخلفي لهذه الرضيعة.

وحول تفاصيل العملية قال د. الزيان "إنّ انسداد فتحات الأنف الخلفية يعتبر من التشوهات الخلقية نادرة الحدوث وتحتاج إلى تدخل جراحي عاجل لفتح مجرى التنفس الأنفي للحفاظ على حياة المولود،ة مضيفاً " توجد عدة طرق جراحية لإجراء هذه العملية منها الطرق التقليدية عبر الأنف أو عبر شق سقف الحلق، كما توجد الطرق الحديثة باستخدام المناظير الضوئية المتطورة، منوهاً أنّ معظم هذه الحالات كان في السابق يتم تحويلها للعلاج خارج قطاع غزة بشكل طارئ والقليل منها يجرى بالطرق التقليدية القديمة.

وأوضح د. الزيان أن هذه العملية أجريت للطفلة في اليوم الثاني من حياتها عبر التجويف الأنفي باستخدام منظار ضوئي حديث خاص بالأطفال، مبيناً أنّ هذه الجراحة الدقيقة استغرقت ساعة ونصف فقط، تمّ خلالها فتح الانسداد الخلفي للأنف بقطر 4 ملم من كل جهة، وتمّت العملية بحمد الله بنجاح.

وأشار الطبيب الزيان أنّ الرضيعة تمكنت بعد ساعات قليلة من إجراء العملية من التنفس والرضاعة بشكل طبيعي والاستغناء عن أنبوب التنفس الفمي من اليوم التالي للعملية.

وقال الطبيب الزيان " إنّ هذه العملية تعتبر من العمليات الصعبة والدقيقة سيما أنها أجريت داخل تجويف أنفي صغير جدا لرضيع في اليوم الثاني من عمره؛ و لذلك فهي تعتبر من الانجازات الطبية التي يفخر بها مستشفى غزة الأوروبي على مستوى الوطن.

وأضاف الدكتور الزيان " إنّ جراحة الأنف و الجيوب الأنفية بالمناظير تعتبر من الجراحات المتطورة في العالم والتي يتم إجراؤها بشكل منتظم في مستشفى غزة الأوروبي منذ أربع سنوات وقد استخدمت في إجراء أنواع مختلفة من العمليات منها: جراحة التهابات الجيوب الأنفية واستئصال الزوائد اللحمية الأنفية إضافة إلى فتح القناة الدمعية وإزالة الأورام الحميدة وإزالة أجزاء من محجر العين وأنواع أخرى من الجراحات، منوهاً أنّ كل هذه العمليات تتم باستخدام جهاز المنظار الضوئي مما يعد نقلة نوعية في مجال جراحات الأنف والجيوب الأنفية.

من جهته، أشاد د. عبد اللطيف الحاج مدير مستشفى غزة الأوروبي بالجهد الرائع الذي بذله الفريق الطبي في قسم الأنف والأذن والحنجرة، مؤكدا أنّ هذا الانجاز يعطي حافزاً قويا لدى إدارته بالتعاون مع وزارة الصحة والإدارة العامة للمستشفيات على مواصلة دعم القسم بكل ما يلزم من إمكانات متاحة لمواصلة مشوار التقدم والنجاح وصولا للهدف الأسمى والمتمثل بإغلاق ملف التحويلات للعلاج بالخارج في هذا المجال الطبي الهام.