لقد فرضت قوات الاحتلال الاسرائيلى حصارا شاملا على الاراضى المحتلة منذ الانتخابات البرلمانية عام 2006م ، وقامت بتشديد الحصار على قطاع غزة بعد أحداث يونيو عام 2007م ، هذا الحصار الذي فرض ليس له مثيل في أي مكان في العالم سواء من حيث مداه أو عواقبه على البشر والشجر والهواء والماء ، فلقد اثر الحصار على إمداد قطاع غزة بالدواء اللازم للمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية ، الذي أدى بدوره إلى ضعف الخدمة المقدمة واثر سلبا على جميع المنظومة الصحية .
فموازنات الدواء تنقسم بين الضفة الغربية وقطاع غزة بنسبة 60% "الضفة الغربية" و 40% " قطاع غزة" ، ويتم تحويل هذه الموازنات من الدول المانحة والمؤسسات الدولية. والأمر الذي لا يمكن تصوره أو قبوله بأي حال من الأحوال أن يتم إدخال وإقحام الدواء ساحة الحصار، فالدواء والهواء ملك للجميع، وتتكفل جميع الأنظمة والقوانين الدولية باتفاقيات جنيف بعدم المس بهم أو استخدامهم من فى المعارك أو المآرب السياسية، ولكن الشيء المؤسف أن الدواء أستخدم في هذه المعركة كأداة ضغط لإخضاع المرضى المحاصرين، والمراهنة على انهيار المنظومة الصحية بمنع دخول الدواء كمدخل لانهيار الحكومة الفلسطينية في غزة.
وبلغة الأرقام، أستطيع القول أن ميزانية قطاع غزة في عام 2008م المعتمدة كانت 52,109,493 شيكل وما تم توريده من رام الله فعلياً 26,500,000 شيكل فقط أي بنسبة 50% من اجمالى حصة قطاع غزة.
وفى عام 2009 ما تم توريده من رام الله لا يتجاوز 47% من اجمالى حصة قطاع غزة وأما الكارثة الحقيقية فهي في هذا العام فلقد تم توريد عدد 7 مرات بقيمة 6 مليون شيكل من اجمالى الميزانية المعتمدة في رام الله وهى 60,000,000 شيكل أي بنسبة 10% من إجمالي حصة قطاع غزة حتى هذه اللحظة.
إن هذه الأرقام الدقيقة التي تظهر بشكل واضح وفاضح للمحاصرين لشعبنا ومدى التنسيق المشترك مع العدو الصهيوني في محاصرة شعبنا بأخس وأنذل وأبشع الطرق للنيل من كرامة وصمود أبناء شعبنا البطل.
إن المتتبع لآليات الحصار بالدواء يجد المحتل يقف جنبا إلى جنب مع المتهالكين في سلطة رام الله بمنعهم الدواء تدريجيا والتقطير على قطاع غزة بالقطارة ليبقى أبناء غزة في حالة توتر وقلق واضطراب من عدم وجود الدواء .
فلمصلحة من يمنع دخول الحليب الخاص بمرض الفنيل كيتنوريا PKU وفى غزة أكثر من 300 طفل يعانون من المرض ، ولمصلحة من يمنع دخول الأدوية النفسية وأدوية الصرع وخاصة لدى الأطفال وأدوية السرطان. ولمصلحة من يمنع دخول العلاج الخاص بمرض نزف الدم الوراثي Hemophilia هل من المعقول تسيير وزارة الصحة في تقديم خدماتها وثلث الأدوية الأساسية رصيدها صفر في مستودعاتها المركزية؟
إن القتل له أشكال عديدة، ولكن جريمة القتل بمنع الدواء هي أم الجرائم والقاتل الحقيقي هو الذي يمنع الدواء عن أطفال غزة.
فإلى أصحاب الضمائر الحية عليكم أن تصحوا قبل فوات الأوان، وقبل أن تحاكمكم شعوبكم وضمائركم، بصمتكم على جريمة القتل الجماعي في غزة، وحينها لا ينفع الندم….. اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.