أكد وزير الصحة، الدكتور باسم نعيم على أن أزمة نقص الأدوية بقطاع غزة لا زالت مستمرة وأنها “تزداد خطورة يوما بعد يوم”، وذلك في سياق كلمة له ألقاها باليوم العلمي الأول لمستشفى الباطنة بمجمع الشفاء الطبي بقطاع غزة، والذي حضره عدد من الأطباء والاستشاريين العاملين بوزارة الصحة، حيث تضمن إلقاء العديد من المحاضرات.
وأضاف الوزير: ” كان لا بد من الحديث عن هذه الأزمة، خاصة وأننا لا زلنا نعاني نقصا غير مسبوق في الأصناف الأدوية والمستلزمات الطبية حتى قبيل العدوان الأخير على قطاع غزة، حيث أننا نعاني الآن من شح في 180 صنفا من الدواء و200 صنف من المستهلكات الطبية التي لا غنى عنها لتقديم الخدمة الصحية للمواطنين، من بينها الكحول المطهر والإبر الطبية “.
كما شدد د. نعيم على أن الأصناف المفقودة تمس كافة قطاعات الخدمات الصحية دونما استثناء، مشيرا في الوقت ذاته إلى تفاقم أزمة الأجهزة الطبية المعطلة، حيث تتزايد حدة هذه الأزمة بفعل ” نقص الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة في ظل استمرار الحصار”، ليؤكد على ضرورة التدخل العاجل من قبل المؤسسات الدولية والإغاثية عربيا ودوليا لإنهاء هذه الأزمات وبأسرع وقت ممكن.
وتابع وزير الصحة قائلا: ” لقد ناشدنا الأخوة برام الله من أجل حل هذه الأزمة والإسراع لإرسال نصيب قطاع غزة من الأدوية المقدمة من وزارة الصحة في أسرع وقت إلا أن هذا الأمر لم يتم حتى الآن (..) وأريد التأكيد هنا على أننا لا نرغب بتسييس هذا الملف على الإطلاق بل بإنهائه من أجل مصلحة المواطن الفلسطيني أولا. المشكلة أن الكثير من المانحين يوجهون أنظارهم الآن إلى اليمن وليبيا وسوريا، معتقدين أن توقيع اتفقا المصالحة الفلسطينية قد حل مشاكلنا بوزارة الصحة وهذا غير صحيح على الإطلاق “.
ومن ثم أكمل الوزير لـ”فلسطين”: ” للأسف لم تنعكس المصالحة إيجابا على ملف الأدوية الذي أريد التأكيد مرة أخرى أننا لا نريد جعله ملفا للمناكفة أو الخلاف بيننا وبين الأخوة برام الله. والحكومة الفلسطينية بغزة تحاول حل الأزمة بشكل سريع عبر تخصيص مليون دولار تم اقتطاعها من رواتب موظفيها، في خطوة إسعافية عاجلة قد تخفف من وطأة الأزمة، لكنها لن تحل المشكلة على الإطلاق “.
وأشار الوزير، في حديث خاص بـ”فلسطين”، إلى أن الوزارة قد تلقت العديد من الوعود من مؤسسات إغاثية عربية ودولية لإنهاء الأزمة، كان من بينها اتحاد الأطباء العرب، منظمة الصليب الأحمر، وجمعية الهلال الأحمر القطري وكذلك الهلال الأحمر التركي، ومنظمة الإغاثة الإسلامية، ومنظمة I.H.H التركية، إلا أنه لم يتم وضع تلك الوعود محل التنفيذ حتى الآن.
وعلى صعيد آخر، أكد نعيم على أن تنظيم اليوم العلمي الأول لمستشفى الباطنة بمجمع الشفاء يعد بمثابة “نقلة نوعية” لعمل المستشفى في إطار انطلاقة علمية صحيحة ضمن العديد من الخطوات التي قامت بها الوزارة كقيامها ببرنامج البورد الفلسطيني الذي انتسب إليه حتى الآن 180 طبيبا تخرج 40 منهم بالفعل في ثماني تخصصات طبية “سيبدأ العمل في عاشرها قريبا” على حد قول الوزير، فضلا عن قيام الوزارة بعمل برنامج لدبلوم في الأشعة بالتعاون مع اتحاد الأطباء العرب بمصر، وبرنامجين آخرين لمنح شهادة الدبلوم في طب الأطفال وفي التخدير والعناية المركزة بالتعاون مع الجامعة الإسلامية بغزة.
واستكمل د. نعيم بالقول: ” بالتأكيد أن الوزارة ليست مؤسسة علمية، بل خدماتية بالدرجة الأولى حيث أن همها الأول تقديم الخدمات للمواطن الفلسطيني، ولكن لا بد من الموازاة بين العلم والتعليم لضمان تطوير المستوى الطبي لدى كفاءاتنا المحلية، ولذلك فإن الوزارة قررت ابتعاث كافة الأطباء ببرنامج البورد إلى مصر والأردن وغيرها من الدول للاطلاع على آخر المستجدات في تخصصاتهم الطبية “.
من ناحيته، تحدث رئيس اللجنة العلمية بمستشفى الباطنة التابع لمجمع الشفاء الطبي، الدكتور وليد داوود، في كلمة مقتضبة له، عن أهمية هذا اليوم العلمي الأول بالنسبة لمستشفى الباطنة، كونه أحد أكبر المستشفيات على الإطلاق، والذي قام بأدوار ريادية منذ تأسيسه قبل أكثر من نصف قرن ليعبر عن عرفانه للأطباء الذين عملوا طيلة سنوات طويلة من أجل تقديم الخدمة الطبية للمواطنين في ظل ظروف صعبة للغاية، وموجها في الوقت ذاته شكره إلى شركات الأدوية التي قامت برعاية هذا اليوم العلمي، وعلى رأسها نوفارتس وعدن والقدس.
من جهته، قال المدير الطبي لمجمع الشفاء الطبي، الدكتور نصر التتر، في كلمته خلال اليوم العلمي: ” إن تطوير مستشفى الباطنة حاجة ملحة، حيث أنه يعد المؤسسة الصحية الأولى في قطاع غزة، فهو يقدم 30% من الخدمة الصحية التي تقدمها الوزارة لأبناء القطاع عبر أقسامه المختلفة كالباطنة العامة والكلى والدم والأورام والجلدية والروماتيزم والقلب، على الرغم من صغر مساحته النسبي “.
وأوضح د. التتر أن المستشفى يستقبل يوميا ما بين 250-300 مريضا يوميا، فيما تسجل 30 حالة دخول للمبيت داخل المستشفى بأسرته البالغ عددها 167 سريرا، فضلا عن وجود 72 سريرا آخر للرعاية اليومية، يقوم على خدمتها 82 طبيبا و114 ممرضا بأقسام الباطنة المختلفة، ولينوه إلى أنه سيتم افتتاح قسم للعناية المركزة خاص بأقسام الباطنة في القريب العاجل.
بدوره، شكر مدير عام مجمع الشفاء الطبي، الدكتور مدحت عباس الأطباء العاملين بمستشفى الباطنة التابع للمجمع على “جهودهم الجبارة في خدمة المواطنين، وخاصة في ظل نقص الإمكانيات المتاحة وقلة أعداد الأطباء والممرضين، والتعامل مع مئات الحالات يوميا ممن يترددون على أقسام المستشفى المختلفة مما يستلزم تعيين المزيد من الكوادر البشرية بالمستشفى في أقرب فرصة ممكنة لتخفيف العبء عن العاملين فيه.