في سيرة سالم بن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ أن رجلاً زاحمه في مني، فالتفت الرجل إلي سالم ـ وسالم علامة التابعين ـ فقال له : إني لأظنك رجل سوء.
فقال سالم : ما عرفني إلا أنت!
لأن سالماً يشعر أنه مقصر, وهذا يشير إلى صدق مع الله, ثم مع النفس؛ لأن المؤمن يرمي نفسه بالتقصير كلما رآها تعالت أو تطاولت أو نسيت، كما أنه يلوم نفسه ويحاسبها.
وفي قصة ثابتة بأسانيد صحيحة، قام رجل في الحرم أمام ابن عباس ـ حبر الأمة وترجمان القرآن فسبه أمام الناس، وابن عباس يحني رأسه!! وواصل الأعرابي الشتم، فرفع ابن عباس رأسه وقال: أتسبني وفي ثلاث خصال؟!
قال: ما هي يا ابن عباس؟
قال: والله ما نزل المطر بأرض إلا سررت بذلك، وحمدت الله علي ذلك، وليس لي بها ناقة ولا شاة!!
قال: والثانية؟
قال: ولا سمعت بقاض عادل إلا دعوت الله له بظهر الغيب وليس لي عنده قضية!!
قال: والثالثة؟
قال: ولا فهمت آية من كتاب الله إلا تمنيت أن المسلمين يفهمون كما أفهم منها!!
هذه هي المثل العليا التي حملها أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهو الذي رباهم أصلاً علي أسس العقيدة وأخلاق الإيمان، وإلا فهم أمة أمية خرجت من الصحراء، لكنه صلي الله عليه وسلم بناهم شيئاً فشيئاً ، ورصع مجدهم، واعتني بهم، حتى أصبحوا قادة الأمم.