في أحيان كثيرة يصدق المثل القائل “قلة الرد…..رد” ،ولكن تجدك في أحيان أخرى مضطرا أن ترد حفاظا على حقوق للناس، أو صداٍّ عن شرفهم ،وحقهم ،وأعراضهم ، فما بالك لو أن من تصدّى للخطأ هو من نصب نفسه حكماٍّ وجلاداٍّ في آن واحد.
كنا نظن ونحن نقرأ مقال وسام عفيفة في صحيفة الرسالة عدد الخميس 2/6 أننا نقرأ لكاتب هزلي ،أو قصة رديئة الصياغة والحبكة والإخراج ، وما كنا نعتقد أن يتحلل الكاتب من كل ما له علاقة بالموضوعية في عرضه لقضية إنسانية.
لسنا هنا في باب الدفاع عن خطأ بشري قد يحدث في أي مكان وفي أي زمان ولكن الموضوعية تقول أن عرض الحال يستلزم من طرفين ومحكمين ، وهذا كله خاضع لأطر وضوابط هي أبعد ما يكون مما كتب ،وهي أشرف بكثير من أن تستخدم في التأجيج الإعلامي أو لأسباب قد نعرفها وقد لا نعرفها “أقصد الموضوعية الإعلامية”.
وهنا نود التوقف أمام عدد من النقاط وهي على النحو التالي /
-لا يحق لأي كان إثبات خطأ طبي بطريقة رخيصة من الهمز واللمز والقدح والسب والشتم دونما أدنى معايير للنزاهة .
– الحديث عن المستشفيات وعرض الحال وكأنه أسوأ مما يتخيله عقل ، ينفيه الواقع المعاش ، وربما لدينا في قطاع غزة عدد كبير من المستشفيات أتحدى أن يثبت صاحبنا أن الفوضى تصل إلى حد اختلاط السجلات ونتائج التحليل ، وإعطاء أدوية بالخطأ وغير ذلك من الأراجيف والأكاذيب التي غصّ بها مقال عفيفة.
– إن وسام عفيفة تعرض للأطباء وللممرضين ولأخصائي المختبر ولسائقي الإسعاف حتى دون أن يعطي أدنى مساحة لفئة منهم للدفاع عن نفسها من خلال سؤالها ، فإذا كان دفاع السيد وسام عن مواطن حق ، أوليس كل الذين هاجمهم بهذه القسوة والظلم فئات لمواطنين لهم حقوق كما أن عليهم واجبات ؟!
_ إن تحرينا عن القضية التي عرضها السيد أسامة عفيفة أثبتت لنا أن المعلومات التي عرضها غير دقيقة على الإطلاق، بل فيها قدر كبير من التهويل والافتراء على الحقيقة وبالتواصل مع صاحب القصة المدعاة أكد انه برئ مما قيل في صحيفة الرسالة وأكد تقديره وشكره لكل الطواقم العاملة في القطاع الصحي وعلمه بالظروف الصعبة التي تمر بها الخدمات الصحية وخاصة شح الموارد مما أوقع الكاتب في استنتاجات وأخطاء جسيمة.
– في كل الدول المتقدمة منها والمتأخرة هناك هامش للخطأ ، فما بالنا في غزة نتعامل مع الصحة بمكوناتها كأننا نتعامل مع المدينة الفاضلة التي لا خطأ فيها رغم أن العمل الصحي هو عمل بشري والخطأ فيه وارد؟!
– إن الصحة بوزارتها وكوادرها طورت الخدمات في كل المستشفيات ، وأضافت تخصصات ، وفتحت أقساماٍّ جديدة ، واستجلبت خبرات وافدة ، وطورت -وما تزال- الخبرات المحلية ، واستعانت بكل مخلص للدفع بعجلتها إلى الإمام بوتيرة متسارعة وبرؤيا الإصلاح الشامل ، والرقي بالخدمات ، لتشمل المستشفيات بأقسامها ، والرعاية الأولية بمراكزها ، وبوحدات الوزارة الفنية ، إضافة إلى التطوير الإداري والفني في صورة نفتخر بها أمام العالم .
رغم ما نعانيه من حصار واستنزاف دائم للمقدرات وشح شديد في الموارد.
– إن الصحة بمكوناتها قد نالت الإعجاب والثناء ممن هم أهل للتقدير والتقييم ، أو ليست الصحة هي من وقفت في كل اجتياح أو حرب كحرب الفرقان ، أوليست كوادرنا هي من لم تغادر مواقعها طيلة أيام الحرب المدمرة على غزة ؟!
أوليست الصحة في غزة هي من نالت إعجاب العالم في أدائها أمام الجوانح كوباء انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير…الخ.
أوليست الصحة في غزة هي من نجحت في التوسع النوعي في الخدمات فكانت عمليات القلب المفتوح،وجراحة الأعصاب الطرفية ،والتوسع النوعي في قسطرة القلب التشخيصية والعلاجية والنقلة في عمل الجراحات بأنواعها وأشكالها…..الخ
– أوليست الصحة هي من تشرف على القطاع الصحي والأهلي والخاص وتحاول بكل جهد ضبطه وتطويره وتلزيمه بمعايير الدقة والسلامة.
– أوليست غزة من الأماكن النادرة على كوكبنا التي أقرت منظمة الصحة العالمية بخلوها المطلق من شلل الأطفال ،وإحرازها لمراتب عالية جدا في نظام التطعيم للأطفال .
– إن كل ما ذكر هو شيء يسير أمام الواقع الحقيقي الذي يثبت أن كوادر الصحة من الأطباء والممرضين والكوادر الطبية المساعدة هم عماد الاستقرار في واقعنا الصحي، وهم بالتأكيد أساس عملية النهوض والرقي بهذا الواقع.
– غزة يا هذا تستوعب رأي الناس ، ووزارة الصحة فيها تفتح أبوابها للمراجعين وللمشتكين ، ولا اعتقد أنّ شكوى ما رفعت و لم تجد متابعة.
– إنّ مما يثبت للصحة ورجالها أنهم كالنخل يرميها الناس بالحجارة و ترميهم بأطيب الثمار، و نحن كأطباء لن تدفعنا مثل هذه المقالات إلى التخلي عن واجبنا الإنساني والوطني تجاه أهلنا و شعبنا، فنحن نيقن أن عملنا هو ليس مجرد وظيفة بل هو رباط و جهاد، فنحن على ثغر من أعظم الثغور.
– كنا نتمنى على وسام عفيفة أن يقدر الظرف الحساس الذي تمر فيه “الصحة” حيث إننا نصرخ بالصوت العالي و منذ شهور على النقص الحاد في الأدوية و المستهلكات الطبية لدرجة أنه بدأ يمس أصول الخدمات الصحية و دفعها إلى التراجع بل التوقف بالكامل أحياناً… و هو يعلم أي وسام عفيفة أن هذه الأزمة هي جزء من الضغط المفروض على أبناء المقاومة و المشروع الإسلامي في فلسطين لإعطاء الدنية في دينهم و وطنهم…. و لو على حساب آهات و أنات المرضى.
– وقبل أن نختم هذه المرافعة البسيطة نود أن نذّكر قبيلة الإعلاميين أن الكلمة أمانة ومسئولية ، وأنها كالسهم إن خرج من كنانته لا يعود إليها، فإما أن تكونوا سلطة رابعة مسئولة محترمه…وإلا فلا ،ولعل من أبجديات ذلك تطهير مواقعكم من الطفيليات وضعاف النفوس وقليلي الخبرة والمسئولية .
– إن في غزتنا نظام وقانون من الواجب الاحتكام إليه ،وإن من الواجب أيضا عدم تفويت هذا الأمر ليتجرأ كل من” يسوى ولا يسوى” علي طليعة المجتمع الثقافية والخدمية .
– وصدق الله العظيم القائل ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين “.