أشاد رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بجهود وزارة الصحة وكافة الطواقم الطبية والعاملين أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

وقال هنية خلال كلمة له في احتفال أقيم في غزة أمس، لأداء القسم لخريجي المهن الطبية: “هذا يوم وطني فلسطيني بامتياز، ونحن نقيم هذا الاحتفال باسم وزارة الصحة بالإنابة عن الحكومة الفلسطينية، وعن كل العاملين بالقطاع الصحي، بمختلف تخصصاته ومستوياته”.

وتابع قائلاً: “هذا الاحتفال يحمل الكثير من المعاني، خاصة وأنه يأتي بعد أشهر من حرب غزة الأخيرة، وأنه أبلغ رد على الاحتلال وثقافة التدمير، والذين أرادوا أن يقفزوا على كل القواعد الإنسانية عندما استهدفوا الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، ومنعوا الوصول إلى المرضى والجرحى”.

وأضاف: “أنتم تدمرون أيها المحتلون ونحن نبني، وأنتم تدمرون غزة وفلسطين، أما نحن فسنجعل من هذه المباني المدمرة ودمائنا ودماء الشهداء التي سالت جسرا نحو العودة إلى ديارنا”. وتحدث هنية عن الصعوبات التي واجهت وزارة الصحة خلال السنوات الثلاث الماضية، خاصة معضلة الحصار وآثاره المدمرة على القطاع الصحي، والتحدي الذي واجهه القطاع الصحي بشن الحرب الأخيرة ضد قطاع غزة، خاصة مع استقبال المستشفيات خلال الساعات الأولى من الحرب لجثة 150 شهيدا، و600 جريح بحاجة إلى علاج عاجل.

وأوضح رئيس الوزراء أن مستشفيات غزة استقبلت العديد من الوفود الطبية العربية والأجنبية التي أشادت بمستوى التحدي الموجود لدى العاملين في القطاع الصحي”. واستعرض هنية الآثار الخطيرة التي تركتها مسألة القلاقل الداخلية والاضطرابات التي حدثت عقب إضراب نحو 1000 عامل بوزارة الصحة، في حركة هي أشبه بـ”العصيان المدني”، تاركين إياها تواجه مصيرها.

وشدد هنية على أنه لا يجب أن يكتفي أبناء القطاع الصحي بمجال مهنتهم فحسب، بل أن يقوموا بحمل واجبهم الوطني كما فعل العديد من شهداء هذا القطاع، من أمثال د.عبد العزيز الرنتيسي، ود.إبراهيم المقادمة، ود.فتحي الشقاقي، ود.ثابت ثابت، الذين حملوا راية النضال الوطني جنبا إلى جنب مع عملهم الصحي، ودفعوا حياتهم ثمنا لالتزامهم بـ”مراتب العزة والريادة”، وحملهم لواء الشهادة وتقدمهم الصفوف.

وأكد هنية على أهمية القطاع الصحي الذي تطور عبر حقب متعاقبة، بدءا من عهد الانتداب البريطاني، وانتهاء بوقت الحكومة الحالية، موضحا أن وزارة الصحة ليست وزارة حماس، ولكنها وزارة جميع أبناء الشعب الفلسطيني.

وطالب رئيس الوزراء القائمين على الوزارة بتصويب الأخطاء التي ارتكبت خلال صيرورة العمل في الوزارة لأن “خير التوابين المصلحون، بالمعنى الإداري”، على حد تعبيره.

وتمت مراسم أداء القسم الطبي لخريجي المهن الصحية والطبية، بحضور د.باسم نعيم وزير الصحة، ود.أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي، ود.ناصر أبو شعبان مدير عام الإدارة العامة للتنمية والقوى البشرية، ود. نسيم ياسين أمين سر رابطة علماء فلسطين، ود. محمود الزهار القيادي في حركة حماس، إضافة إلى العديد من الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي، وجمهور غفير من الخريجين وعائلاتهم، حيث وقف الخريجون ورددوا كلمات القسم وراء د.أبو شعبان، طبقا لمراسم المناسبة.

ومن الجدير بالذكر أن القسم الطبي المذكور معتمد في كل الدول العربية والإسلامية، حيث تم التفاهم على نصه بين وزراء الصحة بتلك الدول.

من جهته، قال د.نعيم، أثناء كلمته في الحفل: “إن هذه المبادرة جاءت من وزارتي لتساهم في تعزيز منظومة القيم لدى الخريج في تخصص العمل الصحي منذ أن يضع قدمه على بداية مشواره المهني”. وأضاف: “الاحتفال بهذا المستوى المهيب نتيجة جهد بذل على مدى ثلاث سنوات من رفع مستوى الانتماء إلى هذه المهنة، وضمان شفافية العمل والانضباط الإداري، وتعزيز منظومة القيم الأخلاقية، في وسط وجدنا فيه أن بعض القيم المادية كانت طاغية لدى البعض”.

وأكد نعيم حرص وزارة الصحة على النهوض بواقع العمل الصحي، وتعزيز الخدمات المقدمة للمواطنين، وتطوير القطاع الصحي بشقيه الحكومي والأهلي، دون أن يضطر شعبنا إلى تسول علاجه بالخارج، وإنهاء حالة الابتزاز للعلاج التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على المرضى الفلسطينيين، مقابل تلقيهم العلاج في المستشفيات الإسرائيلية، ومحاولة إيقاعهم في شرك العمالة.

كما أعلن د.نعيم عن وجود مشروع لدى وزارة الصحة لتعزيز أخلاق المهنة على مدى 33 يوما، طالبا من الحكومة الفلسطينية دعم المشروع.

من ناحيته، هنأ د.بحر في كلمة له بذات المناسبة، الخريجين باسم د.عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي، معبرا عن تقديره لشهداء وزارة الصحة، بمن فيهم المسعفون وسائقو سيارات الإسعاف، “الذين كانوا يقتحمون بكل شجاعة المواقع من أجل إسعاف أبناء شعبنا”.

وأكمل قائلا: “لقد وقفت وزارة الصحة بكل شموخ وصمود لمواصلة الليل بالنهار، وعلى رأسهم الوزير نعيم، والأطباء والممرضون، الذين أدوا واجبهم رغم الحصار والدمار، واليوم (أمس) نتوج بهذا الاحتفال للخريجين والخريجات إرساء القواعد الحقيقية عبر قسم الشرف المهني الصحي، الذي تلزم نصوصه العاملين في قطاع الصحة بمعالجة المرضى بإنسانيتهم وأخلاقهم قبل علمهم وطبهم”.

بدوره، أوضح د.أبو شعبان أن إدارته حرصت على أداء القسم المهني بحضور هذا الحشد من أعمدة المجتمع الصحية والسياسية، من أجل تبيان مدى “المسئولية الكبيرة والأمانة العظيمة، التي تقع على كاهل العاملين بها، الذين يجب أن يحفظوا على شرف مهنتهم والمستوى الأخلاقي لها مهما واجهتهم الصعاب، خاصة وأنها “مهنة لا تحكمها الأهواء ولا تنحرف عن سنة العدل”.

وتحدث د.أبو شعبان عن الخدمات التي تقدمها إدارته مثل إشرافها على برامج التدريب وعلى رأسها البورد الفلسطيني، وبرامج التعليم عن بعد، وتشجيع البحوث العلمية الصحية.

بدوره، أكد د.ياسين على أهمية فئة العاملين في المجال الصحي لتثبيت الشعب الفلسطيني ودعم صموده، خاصة الأطباء والممرضين، الذين لا يستطيع أي شعب الاستغناء عنهم، قائلاً: “نحن الآن بأمس الحاجة لأن يكون الطبيب مسلما قبل أن يكون طبيبا، أي أن يظهر أثر الإسلام في مهنته، وأن تكون نيته في العمل العبادة، وأن يكون مدركا لحقائق الإسلام وأخلاقيات المهنة، متمكنا في عمله، كما أننا بحاجة إلى مؤسسات إسلامية تسد مكان المؤسسات التبشيرية كالصليب الأحمر”.

وألقى كلمة الخريجين بهذه المناسبة الصيدلي محمود شمالي، الذي قدم عهده أمام الجمهور باسم زملائه أن يبقوا أوفياء ومخلصين في أداء المهنة، وإبعادها عن الخلافات الحزبية والفئوية، ومحاولة النهوض بالقطاع الصحي.