يعاني النظام من حالة تدهور لم يشهد لها مثيل من قبل, وأسباب ذلك واضحة: نقص التيار الكهربائي, والافتقار إلى الإمدادات الطبية, والحالة المزرية للمعدات الطبية. ويمكن القول إن النظام يعمل بأقل من نصف طاقته فالنظام الصحي يعاني من العجز لأن موضوع الرعاية الصحية أصبح مسيّساً. والذين يعانون من تبعات هذا الوضع هم مقدمو الرعاية الصحية وبشكل خاص المرضى أنفسهم.

وتتشكل أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة المحاصر معضلة كبرى بالنسبة لوزارة الصحة، حيث تعاني مستشفياتها من كارثة حقيقية تطال كل شيء، فقد تعطلت الآن مئات الأجهزة الطبية التي تشكل عصبا أساسيا في عملية التشخيص لمئات الحالات من المرضى

والتي تدفع بوزارة الصحة لاستخدام الأجهزة الطبية الموجودة في بعض المستشفيات وفي بعض المؤسسات الصحية الأهلية إلا أنها لا تفي بالغرض كالأجهزة التي تعطلت وذات القدرة الأوسع.

أثر انقطاع التيار الكهربائي على القطاع الصحي في قطاع غزة

انقطاع التيار الكهربائي أحد المشكلات الرئيسية التي تواجهها المستشفيات ومقدمو الخدمات الأساسية الآخرون في غزة. وفي حين يتم شراء كميات من الطاقة الكهربائية من إسرائيل ومصر فإن الباقي مصدره محطة الطاقة في غزة والتي تعاني من نقص مزمن في الوقود. وذلك يرجع في جزء منه إلى عدم سماح إسرائيل بدخول كميات كافية من الوقود إلى غزة.

وعندما تنقطع الإمدادات الكهربائية, يبدأ تشغيل مولدات الطوارئ في المستشفيات. إلا أن الوقود اللازم لتشغيل المولدات مختلف عما هو مستخدم في محطة الطاقة, إضافة إلى أن إمدادات وقود المولدات نادرة للغاية لأن وزارة الصحة الموجودة في رام الله والتي تحتفظ بالعقد الخاص بوقود المستشفيات الممول من البنك الدولي, لا ترسل الوقود إلى غزة في الوقت المناسب.

وفي الواقع, لم يصل يوماً الوضع إلى هذا الحد من التردي، وتضطر المستشفيات في هذه الأيام إلى العمل في الظلام بسبب انقطاع التيار لمدة سبع ساعات يوميا في المتوسط.

أزمة المستشفيات
ولهذا السبب, تمر المستشفيات الرئيسية بأزمات كبرى كل شهر. وقد اضطر مستشفى الشفاء والمستشفى الأوروبي في غزة إلى إلغاء كل العمليات الجراحية المتخصصة ثلاث مرات خلال هذه السنة ولم يقبل إلا حالات الطوارئ فقط. وأرغم المستشفى الأوروبي في غزة على سبيل المثال, على توقيف خدمات الغسيل والتنظيف عدة مرات. كما اضطر مستشفى النصر للأطفال إلى نقل مرضاه إلى مؤسسة أخرى لأن تشغيله لم يعد ممكناً. وتطول قائمة الأزمات المرتبطة بالوقود يوماً بعد يوم.

وفي هذا الإطار أكد د. حسين عاشور مدير مجمع الشفاء الطبي أنه قد تعطل يوم أمس جهازين طبيين الأول جهاز CT والذي يستخدم لتشخيص حالات النزيف الدماغي والأورام وفي كافة الحالات الطارئة، وإن عدم وتوفره يعطل عمل الأطباء من جانب ويؤثر على حياة المرضى.

أما الجهاز الآخر فهو جهاز الرنين المغناطيسي والذي تعطل بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر ما أدى إلى احتراق اللوحات الكهربائية.

وقد أوضح د. عاشور أن المشكلة الأخرى تتضح في عدم نجاعة الأجهزة البديلة

إلى جانب معاناة المرضى أثناء نقلهم إلى مستشفيات أخرى بها تلك الأجهزة لإجراء التشخيص كجهاز CT، أما جهاز الرنين المغناطيسي أو ما يعرف ب MRI فليس له بديل في قطاع غزة مما يفاقم الأزمة ويدخل المرضى في معاناة جديدة.

ويذكر أن هذا الجهاز يساعد على تشخيص الأنسجة الرخوة كعضلات القلب والكبد وغير ذلك ويتراوح عدد المرضى المترددين على الشفاء لاستخدامه قبل تعطله من 20-50 ، أما جهاز CT فيصل عدد المستفيدين منه من 80-150 حالة بشكل يومي وذلك بحسب مدير عام مجمع الشفاء الطبي.

وتؤثر انقطاعات الكهرباء على جميع المرضى الذين يحتاجون إلى أجهزة لعلاجهم بمن فيهم المرضى الذين يحتاجون إلى أجهزة التنفس الاصطناعي والمرضى الذين يخضعون إلى علاج غسيل الكلي.

استمرار الأزمة

وفي المستشفيات التي لا تزال مجهزة بالمفاتيح الكهربائية اليدوية, تمضي عادة بضع دقائق على انقطاع الكهرباء قبل أن يبدأ المولد بالعمل من جديد. وعندما تنقطع الأجهزة الإلكترونية عن العمل خلال علاج غسيل الكلي, يضطر الممرض أو الممرضة إلى ضخ الدم يدوياً تفادياً لتخثر الدم.
وتؤثر الانقطاعات الكهربائية في خدمات المستشفيات بمختلف أنواعها: توقف مصابيح الإضاءة في غرف العمليات, والانقطاع المفاجئ للأجهزة الالكترونية المستعملة في الجراحة, وإمكانية تعطل أجهزة غسيل الكلي وأجهزة مراقبة القلب وأجهزة التصوير بالأشعة المقطعية وأجهزة التحليل المخبرية وأجهزة التصوير بالموجات فوق الصوتية. فضلا عن أن آلات الغسيل وأجهزة التعقيم (التي تستعمل لتعقيم المعدات) سريعة التأثر أيضا. ونظرا إلى تعطل هذه المعدات بشكل متكرر, من الضروري أن تبقى إمدادات قطع الغيار مستمرة لتصليحها.

ومن هنا تناشد وزارة الصحة الفلسطينية في غزة كافة المؤسسات المحلية والدولية وكافة الجهات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية بسرعة التدخل لرفع الحصار الإسرائيلي الظالم عن القطاع وضرورة توفير قطع الغيار الطبية وبشكل عاجل لمئات الأجهزة المتعطلة، وإلى حل أزمة الكهرباء.

                                                 

وحدة العلاقات العامة والإعلام