يحكى أن مجاعة حدثت في بلد ….فطلب الوالي من أهل القرية طلبًا غريبًا في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع حيث أخبرهم بأنه سيضع قِدرًا كبيرًا في وسط القرية، وأن على كل رجل وامرأة أن يضع في القِدر كوبًا من اللبن بشرط أن يضع كل واحد الكوب لوحده من غير أن يشاهده أحد.

هرع الناس لتلبية طلب الوالي… كل منهم تخفى بالليل وسكب ما في الكوب الذي يخصه، وفي الصباح فتح الوالي القدر فوجد القدر و قد امتلأ بالماء!!!

أين اللبن؟! ولماذا وضع كل واحد من الرعية الماء بدلاً من اللبن؟

والجواب هو أن كل واحد من الرعية.. قال في نفسه: ” إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية “.

وكل منهم اعتمد على غيره،
وكل منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها أخوه، وظن أنه الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن,

والنتيجة التي حدثت.. أن الجوع عم هذه القرية ومات الكثيرون منهم حيث لم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات .

 كثيرون هم الذين يملؤون الأكواب بالماء في أشد الأوقات التي نحتاج منهم أن يملؤوها لبناً؟

عندما لا تتقن عملك بحجة أنه لن يظهر وسط الأعمال الكثيرة التي سيقوم بها غيرك من الناس فأنت تملأ الأكواب بالماء….

عندما يحتال الطبيب على المريض ويستغل ضعفه الجسدي والمادي، مع قدرته على تقديم المساعدة له فهو يملأ الأكواب بالماء….

عندما  تسول النفس للطبيب ويوسوس له شيطانه، أنه يقدّم خدمة للمريض من خلال تحذيره بأن غرفة العمليات في المستشفى العام محجوزة لمدة طويلة ؟؟؟ في حين أن حالة المريض لا تحتمل التأخير!!! وبالتالي لا مناص من إجراء العملية له بمستشفى خاص!.

فهو يملأ الأكواب بالماء….

عندما يتهرب الطبيب من الكشف على المرضى بحجة أن زملائه مستهترون ولا يساوونه في الإنتاج فهو يملأ الأكواب بالماء…

عندما لا تخلص نيتك في عمل تعمله ظناً منك أن كل الآخرين قد أخلصوا نيتهم وان ذلك لن يؤثر، فأنت تملأ الأكواب بالماء… 

عندما تحرم الفقراء من مالك ظناً منك أن غيرك سيتكفل بهم. فأنت تملا الأكواب بالماء….

وفي الحديث الشريف

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع :   عن عمره فيم أفناه ، و عن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، و عن علمه ماذا عمل به) السلسلة الصحيحة (946) . 

فاتقوا الله

في أعمالكم وأوقاتكم وأموالكم وصحتكم

وحاولوا أن تملؤوا الأكواب لبنًا

=======================