بعد أن تسلل السرطان إلى جسده

أغيثوا محمود قبل أن يباغته الموت و يحرمه لقاء والدته

الصحة/نهى مسلم
تجمعت الأقدار و الظروف جملة واحدة لتقسو على الشاب العشريني محمود ليحرم من حقه في الدواء و العلاج بالخارج تارة ، و من لقاء و حضن والدته لأكثر من ست سنوات تارة أخرى بسبب إغلاق المعابر .
شاب في مقتبل عمره لا نرى منه سوى جثة هامدة على سريره الذي لازمه منذ أن باغته المرض دون استئذان ،أفقده 40 كيلو جرام من وزنه ليكون فريسة سهلة لالتهام ذلك المرض اللعين لجسده النحيف.
تقول أكبر شقيقاته ولم يجف الدمع في مقلتيها منذ بداية حديثي معها:”منذ ثمانية شهور و نحن نكابد ونصارع ظروف الحياة , من جهة مرض شقيقي بذلك الخبيث و من جهة أخرى ظروف اقتصادية صعبة لا تقوى على مصاريف علاجه في ظل أزمة الأدوية التي تمر بها مستشفيات قطاع غزة و نفاذ بعض أصنافها” و تستطرد حديثها بنبرات خانقة تحاول إخفائها :” شقيقي الآن يصارع من أجل الحياة ، و أنا حاولت مرارا عبر الجهات المسئولة لتحويله إلى خارج قطاع لإجراء فحص المسح الذرى بعد استخراج النموذج رقم (1) و لكن المحاولات الأربع باءت بالفشل بذرائع أمنية” و تقول :” بعد أن فشلت محاولات علاجه بالخارج اكتفينا بإجراء جرعات الكيماوي له في مجمع الشفاء الطبي حفاظا على حياته حسب الطبيب المعالج ،و لم يتلق منها إلا جرعتين فقط ، و منذ أكثر من شهرين لم يتلق أي جرعة كيماوي بسبب نفاذ العلاج المكمل لتلك الجرعات و هو (المورفين).
و تقول أخته اذات العشرين عاما :”لم أعد أقوى على حمل المزيد من التعب و المعاناة خاصة و أن والدتي بعيدة عنا لأكثر من 6 سنوات و لم تستطيع العودة لإجراءات معقدة ، ووالدي الذي أصيب بتصلب الشرايين بعد مرض شقيقي الذي أنهك كامل قواي الجسمانية والنفسية ، و أنا ابحث عن سبيل لعلى أجد علاج شقيقي الذي أراه يصارع الموت لحظة بلحظة وكلما فاق من غيبوبته يبحث عن والدته في زوايا المنزل ليرتمي في حضنها لعله يسكن جزء أوجاعه و ألامه بسبب ذلك الخبيث “.
بين تلك الأنات و الآهات تستصرخ هذه الفتاة كافة الضمائر الحية لإنقاذ شقيقها الذي بات يفقد وزنه يوما بعد يوما بعد أن نهش المرض جسده ،و يعيش الآن على المحاليل و المكملات الغذائية لتمد في أيام حياته ، و تناشد كافة المسئولين داخل و خارج قطاع غزة بالنظر بعين الرحمة و الإنسانية للإسراع في تحويله إلى خارج قطاع غزة لإجراء المسح الذرى و استكمال جرعات الكيماوي اللازمة له و توفير الأدوية الخاصة بمرضى السرطان و عدم حرمانهم من ابسط حقوقهم في العلاج.
و في هذا المقام ، يؤكد د.علاء حلس مدير دائرة صيدلية المستشفيات بوزارة الصحة على نفاذ صنف “المورفين” كعقار مخدر يدخل ضمن البروتوكولات العلاجية لمرضى الأورام سواء كانت أقراص أو أمبولات ، و يوضح بأن عقار المورفين يعمل بشكل مباشر على الجهاز العصبي المركزي لتقليل الشعور بالألم الحاد والألم المزمن ، و بالتالي يؤدي إلى الهدوء والنوم وتسكين الألم الناتج عن تناول جرعات الكيماوي ، كما أنه مثبط (يقلل النشاط) لمركز التنفس والسعال ولمركز وتنظيم الحرارة مما يؤدي إلي الهدوء والنوم وتسكين الألم وخفض حرارة الجسم، وكلها أعراض مباشرة للتثبيط الذي يصيب الجهاز العصبي.
و يحذر د.حلس من استمرار نفاذ عقار المورفين من مخازن وزارته و أصناف أخرى خاصة بمرضى السرطان، الأمر الذي سيضاعف من سوء حالتهم الصحية ،خاصة و أن علاجات مرضى السرطان تسير وفق بروتوكولات علاجية منتظمة و مكملة لبعضها البعض و غياب واحد منها يوقف عمليات العلاج ،و بالتالي سيتحمل المريض معاناة نفاذ الأدوية ووقف التحويل للخارج.