مكانة الصحة في الإسلام :

قال عليه الصلاة والسلام" نعمتان مغبونٌ فيهِما كثيرٌ مِن النَّاس الصحةُ والفراغ"رواه البخاري وقال" سلوا اللهَ اليقين َوالمُعافاة فما أُوتي أحدٌ بعد اليقينِ خيراً مِنَ العَافِية " رواه أحمد

وقال أيضا ":مَن أَصْبحَ مُعَافى فِي جسده،آمنا في سربه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا"رواه الترمذي

منهج متكامل لحفظ الصّحة :
جاء الإسلام للدين وللدنيا معا, فكما شرع نظماً للحكم وأخرى للعلاقات الاجتماعية، وأخرى للنظم الاقتصادية, وضع منهجاً فريداً متكاملاً لحفظ الصحة البشرية, وهذا المنهج يتكون من:
صحة الجسم وصحة العقل وصحة السلوك الخلقي والصحة النفسية.

تعريف الطب الوقائي :
عرف العلماء الطب الوقائي الحديث بأنه:
العلم المتعلق بالوقاية من الأمراض الجرثومية، والعضوية، والنفسية للفرد والمجتمع.
وعليه تكون مسببات الأمراض الرئيسة ثلاثة:
مسببات من الكائنات الدقيقة_  مسببات من مركبات عضوية _ مسببات من اضطرابات نفسية

الوقاية خير من العلاج :
تهتم الحضارة الغربية عملياً بصحة الجسم فقط,حيث تغفل عن مسببات الأمراض فهاهي مجتمعاتهم تعج بما تخلفه الخمر والمخدرات من أمراض, وما تنشره الفاحشة من أوبئة فتاكة, وما يتركه القلق والتوتر النفسي من إختلالات خطيرة في وظائف الجسم البشري رغم وفرة المستشفيات والمراكز الطبية الحديثة.

التشريع الإسلامى سابق لهذا التعريف:
حَوَت تعاليمُ الإسلامِ وتشريعاتِهِ هذا التعريف للطب الوقائي، بل وتفوقت عليه من حيث:
سبْقها له وإمكانية تطبيقه بيسر وبباعث ذاتي من كل أفراد المجتمع، على وجه الإلزام والدوام. وقدمت مفهوماً متكاملاً ومطبقاً للصحة.

المنهج الإسلامي لحفظ الصحة:
يتكون من:  صحة الجسم _ وصحة العقل _ وصحة السلوك الخلقي _ والصحة النفسية.

انتشار الفواحش وظهورها في هذا الزمان:

الأمراض الجنسية هي أكثر الأمراض انتشاراً في العالم وأنها أهم وأخطر المشاكل الصحية العاجلة التي تواجه دول الغرب فعدد الإصابات في ارتفاع مستمر في كل الأعمار خصوصاً في مرحلة الشباب ويذكر أن في كل ثانية يصاب أربعة أشخاص بالأمراض الجنسية في العالم، هذا وفق الإحصائيات المسجلة والتي يقول عنها الدكتور (جورج كوس): إن الحالات المعلن عنها رسمياً لا تتعدى ربع أو عشر العدد الحقيقي.

انفجار الأمراض الوبائية:
هذه الأمراض تنتشر بين الناس خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء كانتشار النار في الهشيم ويمكن لشخص واحد يحمل مرضًا واحداً منها أن يحدث وباء في بيئته وقد أكدت دراسة أجريت في بريطانيا منذ ثلاثين عاماً تقريباً هذه الحقيقة حيث تسبب مصاب واحد بنقل عدوى مرضه الجنسي إلى ألف وستمائة وتسعة وثلاثين شخصًا آخرين .فماذا تُحدث الأعداد الهائلة من المصابين بهذه الأمراض وهم بالملايين من أوبئة كاسحة في تلك المجتمعات؟

قرارات المنظمات الصّحية:
إن الآلام والأمراض والدمار والهلاك الشامل هو النتيجة الطبيعية لانتشار هذه الأمراض.
لذلك قامت عدة منظمات عالمية لمواجهة هذه الأخطار الماحقة كمنظمة الصحة العالمية، والاتحاد العالمي لمكافحة الأمراض الجنسية، وانتهي خبراء هذه المنظمات من وضع قرارات وتوصيات وتحذيرات، ومع كل هذا ظلت المشكلة في ازدياد وتعقيد مستمر سواء في أنواع هذه الأمراض، أو أعداد المصابين بها، بحيث أصبحت أضعافاً مضاعفة، فما هو السبب الحقيقي للانتشار المريع لهذه الأمراض إنه سبب بديهي معروف ضجت به الشكوى، وبحت به الأصوات واتخذت له إجراءات لكن بدون جدوى.

ما السبب؟
إنه التحلل الخلقي والإباحية المطلقة في العلاقات الجنسية إنه انتشار الزنا واللواط وسائر العلاقات الجنسية الشاذة والمحرمة, لقد حذر نبينا محمد من هذا المنزلق الأخلاقي وهذا الانحراف السلوكي الشاذ، وبين أن انتشار الفاحشة هو سبب انتشار الأوبئة الكاسحة وتفشي الموت والهلاك بين بني البشر.

السنة الإلهية:
فهل فشت الفاحشة من الزنا واللواط في قوم وارتضوها واستعلنوا بها ؟
وهل فشا في مثل هؤلاء القوم أوبئة وأمراض موجعة مستحدثة لم تكن في أسلافهم تودي بهم إلى الهلاك والموت ؟ نعم تحقق كل ذلك، هذا ما يقرره غير المسلمين من الأطباء يقول الدكتور كنج في كتابه الأمراض الزهرية إن الآمال التي كانت معقودة على وسائلنا الطبية الحديثة في القضاء أوعلى الأقل الحد من الأمراض الجنسية قد خابت وباءت بالخسران،لأن أسباب انتشار هذه الأمراض تكمن في الظروف الاجتماعية وتغير السلوك الإنساني.

إعجاز نبوي واضح:
قال صلى الله عليه وسلم" لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا " رواه ابن ماجه.
وفي حديث آخر" وما فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت " رواه مالك في الموطأ.

انتشار الإباحية :
فقد انتشرت الإباحية انتشاراً ذريعاً في المجتمعات الغربية
يقول الدكتور شوفيلد في كتابه ( الأمراض الجنسية ): \" لقد انتشر تساهل المجتمع تجاه كافة الممارسات الجنسية ولا يوجد أي إحساس بالخجل من الزنا واللواط أو أي علاقة جنسية شاذة أو محرمة، بل إن وسائل الإعلام جعلت من العار على الفتى والفتاة أن يكون محصناً، إن العفة بالنسبة للرجل أو المرأة أصبحت في المجتمعات الغربية مما يندى له جبين المرء
إن وسائل الإعلام تدعو وتحث على الإباحية باعتبارها أمراً طبيعياً بيولوجياً "

أهم  عوامل لانتشار الأمراض الجنسية مثل الإيدزهي:

الإباحية والمخدرات ونقل الدم والمرأة المصابة الحامل إلى الجنين.

الإعجاز النبوي في الإخبار عن هذه الحقيقة قبل أن تقع:
لقد تحقق شرط شيوع الفاحشة وانتشارها وظهورها الذي حدده النبي محمد في أول الحديث : \" ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها … \" فهل تحقق جواب الشرط ؟
نعم لقد ظهرت فيهم الأمراض الجنسية في صورة وبائية سببت لمقترفيها من الآلام والأوجاع الشئ الكثير.

أنواع الأمراض الجنسية الفتاكة:

وباء الزهري : شهد العالم موجات كاسحة من انتشار وباء الزهري على فترات منذ أن ظهر لأول مرة عام 1494م وقد قضى على مئات الملايين من الأشخاص في القرون الخمسة الماضية, جرثومة دقيقة ضعيفة، لكنها قاتلة خطيرة تهاجم جميع أعضاء الجسم، وفي غفلة من الضحية تدمره وتقضي عليه بعد رحلة طويلة من الآلام والأوجاع التي لم يعهدها الناس وقتئذ وما سمعوا بها.
مرض السيلان: يتصدر مرض السيلان قائمة الأمراض المعدية، فهو أكثر الأمراض الجنسية شيوعا في العالم؛ إذ يتراوح الرقم المثبت في الإحصائيات حوالي 250مليون مصاب سنوياً، وهذا لا يمثل الحقيقة لأن عدد الحالات المبلغ بها والواردة في الإحصائيات تمثل من عشر إلى ربع الرقم الحقيقي، وبرغم هجوم ميكروب السيلان الدقيق على جميع أعضاء الجسم وتسببه في الالتهابات والعلل والآلام للمصاب إلا أن أخطر آثاره هو قطع نسل الضحية، لذلك يسمى هذا المرض بالمعقم الأكبر وهكذا كل الأمراض الجنسية.
القرحة الرخوة _ الورم البلغمي الحبيبي التناسلي – الورم الحبيبي المغبني ثنائي التناسل – الهربس _المليساء المعدية _ التهاب الكبد الفيروسي، إلى غير ذلك من فطريات وطفيليات الجهاز التناسلي التي تصيب ملايين الناس.

الإيدز طاعون العصر :الحقيقة أنه ليس مرضاً واحداً ولكنه عدة أعراض متزامنة وأمراض مختلفة وسرطانات عديدة لذلك يسمى بمتلازمة العوز المناعي أو الإيدز الرعب القاتل الذي أقض مضاجع الزناة واللوطيين وأصبح سيفًا مسلطا على رقابهم يحصدهم ويفنيهمإن هذا الوباء الكاسح كان جزاء وفاقاً لظهور الإباحية وانتشار الفاحشة وإعلانها، إنه الإيدز المرض الذي يسببه فيروس ضئيل لا يرى إلا بعد تكبيره مئات الآلاف من المرات بالمجهر الإلكتروني.

كيف بدأ المرض
بدأ بعدة حالات في أمريكا وأوربا ووسط أفريقيا وشرق آسيا حيث تنتشر الإباحية حتى قدرت منظمة الصحة العالمية في نهاية عام 2000م. عدد حاملي فيروس الإيدز في العالم بعشرين مليوناً. وقد وصلت حالات الإصابة بفيروس المرض في العالم اليوم إلى 40 مليوناً .

عقوبة إلهية
هذا المرض وأمثاله هو عقوبة إلهية لمن انتكست فطرهم من الخلق فاستبدلوا بالعفة والطهارة فواحش السلوك المحرم من الزنا واللواط واستعلنوا بتلك الفواحش إباحة ورضى وتفاخرا ؟
أليس ذلك هو عين ما أخبر عنه نبي الإسلام منذ أربعة عشر قرنا من الزمان (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) وفي الحديث الآخر (ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت)

دلالة صدق الإسلام
أشارت هذه الأحاديث إلى حقيقة هامة وهي: أن هذا الأمر سنة جارية ونظام لا يتخلف في أي قوم قط من أي دين أو جنس أو بلد، طالما ظهرت وكثرت فيهم الفاحشة واستعلنوا بها واستمرءوها، ظهرت فيهم الأوبئة والأوجاع الجديدة التي لم تبتلى بها الأجيال قبلهم، والذي يؤكد هذه الحقيقة طبيعة الأمراض التي تنتقل عن طريق الزنا واللواط

خواص جراثيم الأمراض الجنسية
فهي أمراض تسببها جراثيم ذات طبيعة خاصة فهي لا تصيب إلا الإنسان ومن أهم طرق  اتنتقالها إليه عن طريق الجنس ولهذه الجراثيم مقدرة عجيبة في اختراق جلد الأعضاء التناسلية والشفاه، وتصل الإصابة بها إلى عمق الأجهزة التناسلية بل وإلى عموم الجسم في حين يشكل الجلد السليم مانعاً طبيعياً يحمي الجسم من الجراثيم الأخرى.
ولا يوجد لهذه الجراثيم أمصال تقي الجسم من أخطارها، ولا يكون الجسم منها مناعة طبيعية، لأن هذه الجراثيم تغير خواصها باستمرار مما يجعلها مستعصية العلاج، والجسم غير قادر على مقاومتها.

شهادة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
وهذا يؤكد أن المزيد من هذه الأوبئة الكاسحة والأوجاع المميتة ما زالت تنتظر الشاردين عن نداءات الفطرة وتعاليم السماء أليس هذا دليلاً إضافياً على أن محمداً رسول الله حقاً لا ينطق إلا صدقاً، ولا يتكلم إلا بنور الله ووحيه؟، قال تعالى (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى) فالحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والحمد لله الذي من علينا برسول من أنفسنا ليعلمنا الكتاب والحكمة ويزكي نفوسنا بمنهج خالقنا طهراً وعفافاً.قال الله تعالى) لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)

النهج الإسلامي للوقاية من هذه الأخطار
إن البشرية كلها ستظل في تيه وضلال واضح بين، ما لم تجلس إلى هذا النبي لتتعلم منه آيات الكتاب والحكمة، متبعة شريعته ومقومة سلوكها ومزكية نفوسها بتعليماته وتوجيهاته.
إن الإسلام العظيم وهو الدين الخاتم للبشرية جميعا قد وضع نهجاً واضحاً لحماية الإنسان وصحته من أخطار الأمراض الجنسية المدمرة، والذي يتمثل في كلمتين : العفة والإحصان.

العفة
تتمثل العفة في طهارة القلب من وساوس الشهوات وذلك بتعميق الإيمان وتقوى الله ومراقبته والبعد عن المثيرات بغض البصر عن المحرمات والاختلاط بالنساء وحفظ النساء لأنفسهن من التبرج والاختلاط بالرجال والخضوع بالقول والبعد عن أماكن اللهو والعبث.

الوقاية هي الحل
إن الوقاية من هذه الأمراض والأخطار تكمن في قول الله تعالى:
(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها) النور: 30-31

الإحصان
يتمثل الإحصان بالزواج وذلك بتيسيره للناس.
انظروا إلى نور الوحي في توجيهات النبي ( النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني ( (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء(
(إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعـلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)

أوامر إلهية للوقاية من الأمراض الجنسية
حرم الله سبحانه وتعالى كل ضار وخبيث من السلوك؛ فحرم الفواحش الظاهر منها والخفي
قال تعالى( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن). الأعراف 33وعلى رأس هذه الفواحش الزنا واللواط قال تعالى (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) الإسراء: 32
وقال تعالى) : (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين)

الحل الإسلامي
إن الله قد حرم الخمور والمخدرات ومنع بيعها وصناعتها وأمر بتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية على المفسدين, حث الشريعة الإسلامية على نشر الوعي الديني والصحي وتعميق الإيمان في نفوس الناس, ودعت إلى تنظم عمل المرأة ومنع اختلاطها بالرجال في المكاتب والمصانع وحث المرأة للعودة إلى بيتها وتوفير لها الحياة الكريمة أما وأختا وبنتا وزوجة وتجنب أسباب الإباحية وشيوع الفاحشة والتأكيد على أسباب المودة والرحمة بين الزوجين.