بعد يوم طويل وصعب من العمل وضعت أمي الطعام أمام أبي على الطاولة وبجانبه خبزاً محمصاً لكن الخبز كان محروقا تماما
أتذكر أنني انتظرت طويلاً كي يلحظ أبي ذلك ولا أشك على الإطلاق أنه لاحظه إلا أنه مد يده إلى قطعة الخبز وابتسم لوالدتي وسألني كيف كان يومي في المدرسة ؟!
لا أتذكرُ بماذا أجبته لكني أتذكر أني رأيتهُ يدهنُ قِطعة الخبز بالزبدة والمربى ويأكلها كلها
عندما نهضتُ عن طاولة الطعام تلك الليلة سمعتُ أمي تعتذر لأبي عن حرقها للخبز وهي تحمصهُ
ولن أنسى رد أبي :
حبيبتي لا تكترثي بذلك
أنا أحب أحياناً أن آكل الخبز محمصاً زيادة عن اللزوم وأن يكون به طعم الاحتراق
وفي وقت لاحق ذهبتُ لأقبل والدي قُبلة تصبح على خير سألته إن كان حقاً يحب أن يتناول الخبز أحياناً محمصاً إلى درجة الاحتراق؟
فضمني إلى صدره وقال لي هذه الكلمات التي تبعث على التأمل:
يا بني أمك اليوم كان لديها عمل شاق وقد أصابها التعب والإرهاق في يومها
شيء آخر إن قطعاً من الخبز المحمص زيادة عن اللزوم أو حتى محترقة لن تضر حتى الموت. .
الحياة مليئة بالأشياء الناقصة وليس هناك شخص كامل لا عيب فيه
علينا أن نتعلم كيف نقبل النقصان في الأمور وأن نتقبل عيوب الآخرين وهذا من أهم الأمور في بناء العلاقات وجعلها قوية مستديمة
خبزُ محمصُ محروقُ قليلاً لا يجب أن يكسر قلباً جميلا
فليعذر الناس بعضهم البعض فَكل شخص لا يعرف ظروُف الآخرين