بقلم : أ. موسى السماك

جميل أن يكون لكل واحد منا انتماء, والأجمل أن تتكامل الجهود والعطاءات في الوظيفة العامة لأفراد وموظفي القطاع العام لخدمة أبناء شعبنا الصابر المجاهد الذي ضحى بالمال والولد والوقت والجهد لتتحقق الغاية ونصل إلى المراد, وهو مرضاة الله عز وجل ثم تحرير بلدنا فلسطين من يد اليهود.

وعند الحديث عن الانتماء فإننا نقول أن هناك من لديه انتماءً مهنياً, فنجده يحب مهنته ويتعصب لها أيما حب, ويبذل الجهد الكبير حتى يوضح بأن مهنته من أهم المهن التي تخدم المجتمع والبشرية جمعاء, فنجد الطبيب يعتز بمهنته والمهندس كذلك والمحاسب والممرض والإداري وما إلى ذلك..

وهناك من لديه انتماءً وظيفياً فهو يحب وظيفته فنجده يلتزم بالتعليمات والنظم واللوائح وينتظر ساعات الفجر حتى يبدأ يجهز نفسه ويستغل وسيلته للذهاب إلى هذه الوظيفة ليلتقي زملاءه ويرتب أموره ويبدأ ينفذ خطته اليومية للعمل التي أعدها على مكتبه من الأمس, فنجد عنده رغبة شديده وإخلاص كبير لهذه الوظيفة, ونجد عنده تفاني كبير لخدمة المواطنين ومساعدتهم بكل ما يملك رغبةً منه.

وهناك من لديه انتماءً وطنياً فهو يخدم أبناء شعبه حباً وطواعيةً لأن لديه انتماءً وطنياً حقيقياً, فهو يرى أن عليه واجباً وطنياً لخدمة أبناء شعبة دون تمييز ولا تحيز, دون كلل ولا ملل, لأن ومن حق المواطنة لهذا الإنسان الفلسطيني أن يجد خدمة مميزة ومتطورة في المؤسسة العامة.

هناك انتماءات أخرى كثيرة منها الإنتماء للعائلة والانتماء للحزب والانتماء للدولة والانتماء للفكرة قد يكون الانتماء لأشخاص وهكذا..

ولكن في تقديري أن الانتماء الحقيقي الذي لا ينازعه انتماء هو الانتماء الديني, فهو يشمل ويستحوذ على جميع الانتماءات الأخرى ويعتبر الأهم فيهم.

الانتماء الديني يعني أن الموظف العام في الدولة يخدم ابناء شعبه دون تميز إخلاصاً لله عز وجل الذي أمرنا من فوق سبع سماوات بالعمل ( وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ).

الانتماء الديني لا يتعارض بالمطلق مع أي من الانتماءات الأخرى التي ذكرت سابقاً والتي لم تذكر.

الانتماء الديني يعني أن الانسان المسلم يعتبر أن عمله في الوظيفة الحكومية عبادة يتقرب بها إلى الله انطلاقاً من قوله تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ), وقوله تعالى ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ), فالله تعالى قد خلقه في هذه الدنيا لغاية سامية ونبيله وهي عبادته في الأرض بمفهومها الشامل الكامل الذي يعني أن كل مقاصد الحياة في هذه الدنيا هي عبادة لله عز وجل, فإن أكل الأنسان أو الشرب, أكل وشرب لله , وإن صالح أو خاصم, صالح وخاصم لله, وإن نشط أو كسل فهو لله, وإن تقلد المناصب أو لم يتقلد فهي لله, إن المسلم أمره كله لله.

لذلك فإن الانتماء الديني يستحوذ على كل أنواع الانتماءات الأخرى, فالوظيفة لله والمهنة لله, والوطن لله, والعائلة لله, والحارة لله, وكل أمور الانسان لله.

فأنت تجد المنتمي للدين, يحب وظيفته ويحب مهنته ويحب وطنه ويحب أبناء شعبه ويحب العائلة ويحب كل ما يقربه إلى الله, لذلك نجده يخدم أبناء شعبه بكل قوة وحيوية ونشاط, فهو يتعامل مع الخدمة على أنها تقرباً إلى الله.

نحن نريد هذا النوع من الموظف في الوظيفة الحكومية.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين