نظمت وزارة الصحة الفلسطينية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ورشة عمل حول التشريعات الخاصة المتعلقة بالصحة النفسية المجتمعية بمشاركة ممثلين عن الوزارات الحكومية وبرنامج غزة للصحة النفسية إلى جانب أعضاء في المجلس التشريعي وعدد من مؤسسات المجتمع المدني, وذلك في قاعة فندق القدس الدولي بمدينة غزة.

وخرجت اللجنة بعدد من التوصيات أبرزها تعديل الوصف الوظيفي وتفعيله في مجال الصحة النفسية إلى جانب استصدار قوانين خاصة بالصحة النفسية تنظم عملها في فلسطين, بالإضافة إلى سن قوانين وتشريعات تنظم إجراءات التراخيص للعاملين في الصحة.

وكان وزير الصحة د. باسم نعيم قد افتتح الورشة ورحب بالمشاركين فيها وقال ” أن وزارته منذ تسلم مهامها حرصت على تطوير القطاع الصحي النفسي من خلال تحويل دائرة الصحة النفسية في الهيكلية الجديدة إلى إدارة عامة تضم ثلاث دوائر بالإضافة إلى افتتاح قسمين جديدين للصحة النفسية احدهما في مجمع الشفاء الطبي والأخر في مجمع ناصر خانيونس”

وأضاف” أن وزارته حصلت على موافقة من مجلس الوزراء لتوفير قطعة أرض تقدر مساحتها بـ15 دونم تقع في وسط القطاع سيقام عليها مركز عام للصحة النفسية معربا عن أمله في إيجاد جهات مانحة تدعم إقامة أول مستشفى عام للصحة النفسية تكون ذات مواصفات عالمية ومجهزة بأجهزة ومعدات حديثة” منوها إلى وجود تنسيق كامل ما بين وزارته ومنظمة الصحة العالمية حول توفير منحة دراسية لـ25 طالبا من الجامعة الإسلامية للحصول على شهادات الماجستير في هذا المجال.

واستعرض النجاح الباهر الذي تحقق خلال الفترة الأخيرة عقب تشكيل أول لجنة وطنية عليا للصحة النفسية تعقد اجتماعاتها بشكل دوري وتضم العديد من القطاعات الهامة في ارض الوطن مشيرا إلى أنها ستسهم في بناء مرحلة جديدة بعمل الصحة النفسية وتحدث تغيير ايجابي في الانطباع لدى أبناء شعبنا عن أن عمل الصحة النفسية لم يعد يقتصر في عمله كما كان معهوداً في السابق على مستشفى الأمراض العقلية وإنما امتد ليشمل الجوانب النفسية , موضحا أهمية تخطي هذه المرحلة من خلال سن تشريعات وقوانين توضح ذلك وتسهم إلى حد كبير في تحقيق نهضة قوية في عملها.

وأكد نعيم حرصه الدءوب على تطوير القطاع الصحي النفسي كونه من الملفات الهامة والخطيرة من اجل مواجهة الآثار النفسية السلبية الناجمة عن الحرب الأخيرة على غزة والتي راح ضحيتها أكثر من 1500 شهيد و 5500 جريح غالبيتهم من النساء والأطفال بالإضافة إلى استمرار الحصار وارتفاع عدد ضحاياه إلى جانب الانقسام الفلسطيني وانعكاساته الخطيرة على مجتمعنا الفلسطيني.

من جانبه تحدث د. سمير قوتة أستاذ علم النفس المشارك في الجامعة الإسلامية إلى تعريفات الصحة النفسية وأنواعها والخدمات التي تقدمها لجمهور المواطنين والمراحل التي يمر بها المريض سواء ما قبل العلاج او خلاله او ما بعده وكما تطرق إلى خطورة عمل الدجالين وأهل السحر والشعوذة في هذا الجانب وسبل مواجهتها بتعاون الجميع.
من جانبه تطرق د. عايش سمور مدير عام الصحة النفسية بوزارة الصحة الفلسطينية إلى معاناة أبناء شعبنا من ظروف الاحتلال القاسية وآثارها السلبية على الأطفال والنساء ما بعد الولادة وذكر أن الدراسات بينت أن 68 % من الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية وان نفس النسبة هو ما تعانيه النساء من اضطرابات نفسية لما بعد حالات الولادة وان 37 % من المواطنين يعانون من صدمات نفسية علاوة على أن 40% من الأسرى المحررون من السجون الصهيونية يعانون من اضطرابات نفسية.

كما أوضح سمور أن 11.3% فقط من أصل 1417 من الذين عولجوا في مراكز الصحة النفسية هم المستفيدين من خدماتها منوها إلى حجم التحديات التي تواجهها عمل الصحة النفسية جراء عدم تمكن طواقمها من المشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية التي تعقد في الخارج نتيجة الحصار الظالم.

وأكد على ضرورة وضع ضوابط ومعايير محدة تحدد نظام العمل في مجال الصحة النفسية عبر استصدار قوانين تنسجم مع التطور العلمي الجاري في هذا الجانب وبمشاركة الجميع من وزارت ومؤسسات وجمعيات أهلية ودولية بحيث تكون وزارة الصحة المظلة للجميع.
بدوره أثنى د. محمد الكاشف على الجهود المضنية التي بذلها وزير الصحة الأسبق د. رياض الزعنون في هذا المجال والتي لم يكتب لها النجاح , كما قدم شرحا موجزاً حول الشروط الواجب توافرها لاستصدار قانون مزاولة مهنة العلاج النفسي بغية مواجهة الذين يمارسون هذه المهنة بطريقة غير شرعية إلى جانب إيجاد آلية واضحة تحدد معايير وضوابط العمل ونظام تسجيل المرضى ومن يملكون مهنة الترخيص من عدمه وغيرها من المواضيع الهامة.

من جهته تحدث ا. ضياء صايمة ممثل منظمة الصحة العالمية عن التشريعات المتعلقة بالصحة النفسية المجتمعية وكذلك العلاقة بين قوانين الصحة النفسية ونظمها, مشيرا إلى أهمية سن تشريعات تضمن حماية المريض النفسي في حقه بالعيش بكرامة في المجتمع الفلسطيني وممارسة كافة حقوقه الطبيعية في العلاج والتعليم ومعاملته للأسوياء في التوظيف وغيره.
كما تناول النظم والمراسيم الوزارية والقواعد الخدماتية المعمول فيها في عدد من دول العالم الى جانب تناوله لمعايير حقوق الإنسان التي علاقة مباشرة بالصحة النفسية.

كما قدم الأخصائي النفسي د. احمد ابو طاحون مدير عام برنامج غزة للصحة النفسية شرحا مفصلا حول المذكرة التوضيحية لمسودة مشروع “قانون الصحة النفسية والأمراض العقلية الفلسطيني” المعول بها في عدد من الدول العربية المجاورة بينها مصر والأردن إلى جانب الكيان الصهيوني, موضحا أن العديد من المؤسسات ذات العلاقة في مجال الصحية حاولت تطويره منذ عام 2005 حيث كان من المفترض عرضه على المجلس التشريعي حينئذ لعرضه لكن لم تعرض حتى الآن.
من جهته شدد د. فضل أبو هين ممثل جامعة الأقصى على أهمية تعديل الوصف الوظيفي الذي كان معمولا به في السابق للعاملين في مجال الصحة النفسية مثنيا على الانجاز الذي حققته وزارة الصحة في هذا الجانب في هيكليتها الجديدة