الأخطاء الطبية بين الواقع و التحديات

تقدم وزارة الصحة  خدماتها الصحية للمواطن الفلسطيني من خلال المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية المنتشرة من شمال القطاع إلى جنوبه بمختلف التخصصات وقد أثبتت الممارسة العملية وبشهادة الوفود الطبية الأجنبية كفاءة الطواقم الطبية الفلسطينية في وقت الحرب، ووقت السلم .

وحسب القواعد المهنية العامة فالطبيب مُكلف ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة ،  وبمراجعة مكاتب الأطباء بالوزارة أو عياداتهم الخاصة نشاهد عدد لا بأس به من شهادات الشكر والتقدير من المواطنين على ما قدموه من انجازات طبية عديدة .

وقد ورد في نص المادة ( 2 ) من قانون الصحة العامة رقم ( 20 ) لسنة 2004 فقرة ( 1 ) على : ” وزارة الصحة القيام بما يلي : تقديم الخدمات الصحية الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية وإنشاء المؤسسات الصحية اللازمة لذلك ” وتنفيذاً لنص الفقرة المذكورة أعلاه يوجد بوزارة الصحة  عدد ( 13 ) مستشفى وعدد     ( 56 ) مركز رعاية أولية ، إضافة إلى دوائر متخصصة ذات علاقة  بمتابعة الوقاية من الأمراض المعدية ورعاية صحة الأم والطفل ………. إلخ .

إن الأطباء و التخصصات الصحية الأخرى هم كأي فئة مهنية قد يقعون في بعض الأخطاء  ولكن يجب أن نفرق بين الخطأ والإهمال ، فالخطأ وارد ومُتوقع بنسبة محددة ولا يعاقب عليه الطبيب ، بينما الإهمال والتقصير فيُعاقب عليه المقصر جزائياً ومدنياً .

لذلك فإن وزارة الصحة – وفي سبيل منع الإهمال والتقصير- تقوم بدورها الرقابي على المؤسسات الصحية الحكومية والأهلية (القطاع الخاص) من خلال استقبال شكاوي المواطنين ودراستها وتشكيل لجان تحقيق عند الضرورة  و تكون آلية الشكاوي وفق الآتي :- ( المواطن ، النائب العام ، نواب المجلس التشريعي ، الهيئات الحقوقية ومراكز حقوق الإنسان  و جهات مختصة في وزارة الصحة ).

و تبدأ لجان التحقيق خطواتها بـــالجلوس مع المشتكي وتدوين إفادته حول ما حدث معه أثناء تلقيه الخدمة وما ترتب على ذلك من سوء معاملة أو مضاعفات ما بعد الخدمة ثم بالتحقيق مع الطواقم الطبية ( من واقع ملف المريض ) من أطباء وتمريض وتخدير وعناية مركزة وخلافه .

و إذا ثبت للجنة وجود قُصور في متابعة المريض داخل القسم بالمستشفى تُرفع التوصيات لمعالي وزير الصحة لاعتمادها حسب الأصول .

و تنقسم التوصيات في ذلك إلى توصيات عامة تكون دائماً تتضمن مقترحات لعلاج الخلل الادارى إن وجُد داخل القسم  أو المستشفى وتوصيات خاصة و هي عبارة عن الجزاءات المقترح اتخاذها بحق الطواقم الطبية التي تابعت الحالة بالمستشفى إن ثبت وجود تقصير في المتابعة , ثم مضمون نتيجة التحقيق يتم تسليمها لمُقدم الشكوى وهي تتضمن خلاصة  ما توصلت إليه لجنة التحقيق .

لكن المشكلة تتفاقم عندما يتقدم بعض المواطنين بعدة شكاوي لجهات أخرى  بخلاف الشكوى المقدمة للوزارة .

و نقول إن لجان التحقيق تُشكل من موظفين بدرجات عليا و يبذلون جهدهم لإنجاز مهامهم بالشكل و الوقت المطلوب .

و الجدير ذكره أن إجمالي لجان التحقيق التي تم تشكيلها خلال العام 2011 بلغ عددها ( 28 ) لجنة ،  و ما تم إنهائها عدد

(24) لجنة ورُفعت توصياتها وبقى عدد (  4 ) لجنة قيد التحقيق وهناك عدد من الشكاوى لا تصل عبر المصادر التي ذكرناها أعلاه ، بل ترد على صفحات بعض الجرائد والمواقع الالكترونية المختلفة وهي عبارة عن  ادعاء للمواطن وبدون توخي المهنية فى التوجه للوزارة أو الطبيب المشتكي ضده  للتحقق من دقة المعلومات الواردة فى شكواه .

كما أن تعدد مصادر الشكوى لنفس المريض تُفسر على أنها محاولة من البعض لوضع لجنة التحقيق تحت ضغط المؤسسات الرسمية و الحقوقية المختلفة أثناء عملها , و هنا نوضح إلى إن الوزارة تستعين بعدد من الاستشاريين في التخصصات المختلفة من خارج الوزارة وذلك لتحقيق مبدأ الشفافية والبعد عن الحساسية والحرج بين موظفي الوزارة.

و نوضح هنا أن وزارة الصحة هي التي شجعت المواطن الفلسطيني على تقديم شكواه فيما يتعرض له  من تقصير أو إهمال عند تلقيه الخدمة الصحية ، حيث أن هذا الملف كان خلال سنوات طويلة مُعطل , ويشهد بذلك الجدية التي يتم التعامل بها فى متابعة هذه الشكاوى والعقوبات التي تقع على المُقصر ، و لذلك فإننا نهيب بمواطنينا الكرام الذين هم عِماد صمودنا على هذه الأرض الطيبة المباركة أن يتحروا الدقة فى الشكوى و أن يعطوا الوزارة الفرصة الكافية للمتابعة وعدم إطلاق الأحكام المسبقة على قاعدة أن المواطن دائماً على حق و أن الطبيب مقصر سلفاً في جميع الحالات وهذا يُخالف الأصول الشرعية والقانونية  المتعارف عليها بهذا الخصوص .

 

 

الإدارة العامة للشئون القانونية