ضمن المسئولية الاجتماعية الملقاة على عاتق وزارة الصحة ومساعيها الحثيثة للحفاظ على حياة المريض و صحته بشتى الوسائل ،و للحد من شكاوى الإهمال الطبي فقد عملت الوزارة على انجاز مشروع قانون المسئولية الطبية لحماية الطبيب و المريض معا ،و لإعادة الثقة في النظام الصحي الفلسطيني بجميع عناصره من مستشفى و طبيب و التمريض و المواطن ،علما بأن الخطأ الطبي وارد عالميا بنسبة 1% في الدول المتقدمة علميا و تقنيا.
بدوره عرف أ.سليمان الغلبان مدير عام الشئون القانونية الخطأ الطبي كما ورد في مشروع قانون المسئولية الطبية "بأنه كل مخالفة أو خروج من مزاول المهنة في سلوكه عن القواعد و الأصول الطبية الذي يقتضى بها العلم وقت تنفيذه العمل الطبي ،أو إخلاله بواجبات الحيطة و الحذر و اليقظة التي يقرها القانون وواجبات المهنة على الطبيب فيترتب على فعله ضرر في حين كان في قدرته وواجب عليه أن يكون يقظا و حذرا في تصرفه حتى لا يضر بالمريض"،موضحا بأن الإهمال الطبي هو عدم تقديم الخدمة الطبية اللازمة للمريض حسب ما يقتضيه العلم و الخبرة.
قانون المسئولية الطبية:
وضمن سياسة وزارة الصحة في حماية حقوق الطبيب و المريض أكد أ.الغلبان على أن الوزارة عملت خلال العامين الماضيين على إعداد مشروع قانون المسئولية الطبية الذي يحدد الفرق بين الخطأ و الإهمال من ناحية ،و بين المتسبب للخطأ للمريض من ناحية أخرى،ووضع الأسس و المعايير التي تحدد العلاقة بين الخطأ و الضرر الناتج عنه عند تلقى المريض الخدمة،و من المسئول عن هذا الخطأ،للحفاظ على حقوق جميع أطراف العملية الطبية،كما كشف عن الانتهاء من إعداد مشروع قانون الطب الشرعي و تقديمه للمجلس التشريعي منذ أكثر من سنة ،و الذي سوف يساهم في نفس الغرض و تغطية العجز في هذا المجال.
و أشار إلى أن هذا القانون تم إعداده بالتعاون مع ديوان الموظفين وأعضاء من المجلس التشريعي ووزارة العدل و النيابة العامة و مجلس القضاء الأعلى و ديوان الفتوى و التشريع و لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية و خبراء و اختصاصيين ،لافتا إلى أنه تم مناقشة القانون في المجلس التشريعي و قراءته بالقراءة الأولى و ينتظر اعتماده بالقراءة الأخيرة لتنفيذه في وزارة الصحة للحفاظ على حقوق الطبيب و المريض.
و أعلن الغلبان بأنه خلال الفترة من عام 2008 و حتى تاريخه فقد تم تشكيل 129 لجنة تحقيق في شكاوى أخطاء طبية منها 97 لجنة في القطاع الحكومي،و 32 لجنة في القطاع الخاص، مشيرا إلى تقارير هذه اللجان التي رصدت وجود إهمال طبي في 26 لجنة في القطاع الحكومي ،و 12 لجنة في القطاع الخاص.
مصادر الشكاوى:
و عن مصادر الشكاوى قال أ.سليمان "ترد الشكاوى للوزارة إلى مكتب الوزير و دائرة الشكاوى و الإدارة العامة للرقابة الداخلية و الإدارة العامة للمستشفيات ،بالإضافة إلى تلقى الشكاوى من المجلس التشريعي و الهيئة المستقلة لحقوق المواطن ،ومراكز حقوق الإنسان،و مكتب النائب العام، ،و المؤسسات الحقوقية.
و أضاف"نتعامل مع هذه الشكاوى بكل مهنية و شفافية ،حيث يتم تشكيل لجنة من قبل وزير الصحة حول موضوع الشكوى مكونة من أعضاء من خارج المستشفى التي حدثت فيها المشكلة ،و من ثم تتم إجراءات التحقيق مع جميع الطاقم الطبي الذي تعامل مع الحالة."
ونوه إلى أن جميع شكاوى الإهمال و الخطأ الطبي يعاقب مرتكبها بالعقوبات التأديبية الواردة في قانون الخدمة المدنية بدءا من لفت النظر و انتهاءً بالفصل من الخدمة .
الآلية المتبعة في شكاوى الإهمال الطبي:
هذا و أوضح أ.سليمان بأن الوزارة تتعامل مع شكاوى الإهمال الطبي فور تسلم الشكوى أو العلم باشتباه حدوث حالة إهمال طبي أو خطأ طبي فانه يتم التحفظ على ملف المريض ،و بناءً على توصيات دائرة الشكاوى والإدارة العامة للشئون القانونية في الوزارة يتم تشكيل لجنة تحقيق من أطباء متخصصين بمضمون الشكوى و بمشاركة و عضوية التمريض و الشئون القانونية.
و حرصا على نزاهة و شفافية لجان التحقيق أكد الغلبان على أن بعض اللجان يكون بعض أعضائها من خارج الوزارة و ذات كفاءة عالية،لافتا إلى أن المشتكي يكون أول من تدون إفادته حتى نربط التحقيق مع الطاقم الطبي الذي تعامل مع الحالة طبقا لإفادة المشتكي.
و أضاف"أنه و بعد استكمال إجراءات التحقيق يرفع تقرير للوزير مرفقا بالتوصيات العامة و الإجراءات التأديبية المقترحة،و في حال ثبوت الخطأ الطبي يتم اتخاذ المقتضى القانونى بحق المقصرين وفق القانون،مشيرا إلى وجود أكثر من حالة تحملت الوزارة علاج المريض سواء في الخارج أو داخل مؤسسات الوزارة و بالتعاون مع الوزارات المعنية أيضا مثل وزارة الشئون الاجتماعية ووزرة العمل ،كذلك من خلال توفير الرعاية الصحية و العلاجات اللازمة بم يتلاءم مع إمكانيات الوزارة .
الحد من شكاوى الإهمال الطبي:
هذا و قامت وزارة الصحة باتخاذ عدة إجراءات للحد من ظاهرة الإهمال الطبي ،و ذلك بتفعيل دور وحدة الشكاوى داخل الوزارة ،و استحداث وحدة تحسين الجودة بهدف تطوير الخدمة الصحية داخل مرافق الوزارة،بالإضافة إلى استحداث العديد من الأقسام التخصصية (كجراحة القلب و القسطرة القلبية وعمليات السائل الزجاجي بالعين) بهدف تطوير الخدمة المقدمة و تخفيف عبء السفر للعلاج بالخارج.
و أشار الغلبان إلى أن الوزارة قامت بشراء خدمات طبية من مؤسسات أهلية بهدف التخفيف عن المرضى عبء قائمة انتظار العمليات الجراحية ،بالإضافة إلى عقد عدة ورشات عمل و بمشاركة جهات الاختصاص و التي تمخضت عنها مشروع قانون المسئولية الطبية الذي يهدف إلى حماية الطبيب من ابتزاز المواطن ،و حفظ حق المواطن المتضرر من الإهمال الطبي إن وجد.
كما قامت الوزارة بابتعاث العديد من الأطباء في تخصصات مختلفة بهدف الرقى بمستوى الخدمة المقدمة و توفير تخصصات نادرة لم تكن متوفرة في السابق،و تفعيل برنامج البورد الفلسطيني من خلال توفير امتيازات للأطباء المتقدمين بهدف تنمية قدراتهم العلمية و الفنية ،و تنظيم ورشات عمل داخل الوزارة بهدف تدعيم أخلاقيات المهنة،بالإضافة إلى عقد عدة محاضرات لأساتذة من الخارج بواسطة نظام الفيديو كنفرنس.
و أكد أ.سليمان على أن الوزارة تحافظ على أطبائها و طواقمها الطبية و لا تسمح بالمس بكرامتهم و عدم ابتزازهم ، أو الاعتداء عليهم ،مشيرا إلى أن الوزارة تحمى الطبيب وتقف بجانبه و ترفع شكوى ضد المعتدى لرد اعتبار هذا الطبيب،مستشهدا بذلك أهل أحد المرضى الذي توفى على سرير المرض و هو في السبعينات من العمر ويعانى من عدة أمراض و بمجرد وفاته ،اتهم الأطباء المعالجين لهذه الحالة بالتقصير و الإهمال بحق والدهم،و قاموا بتكسير الأجهزة و المعدات الطبية بدون مبرر.
و أضاف :"أنه في بعض الحالات يتم عرض ملف المريض على أحد الاستشاريين في نفس التخصص ،فان ثبت أنه شبه الإهمال أو الخطأ الطبي ،فترفع التوصية لمعالي الوزير لتشكيل لجنة تحقيق ،و إلا فيتم حفظ الشكوى مثل حالة المريض المذكور عاليه ،و الذي كان يعانى من فشل كلوي و ضغط دم و تردد على المستشفيات لقرابة العام،أو في حالة مولود ولد بمرض وراثي ،و أعد الأطباء له تحويلة عاجلة و قبل انتهاء إجراءات التحويل توفى فتم حفظ الشكوى أيضا.
غير مسئولة:
هذا و نفى مدير عام الشئون القانونية مسئولية وزارة الصحة عن بعض حالات الوفيات التي تتهم بها الوزارة في بعض الأحيان أنها إهمال طبي،و ذلك نتيجة تأخر التحويلات في وحدة العلاج بالخارج ،و انجاز إجراءات التحويل بالسرعة الممكنة ،مشيرا إلى أنه في بعض الحالات فان المستشفى المستقبل للحالة هو الذي يؤخر استدعائها بسبب عدم وجود سعة سريرية للحالة داخل نفس المستشفى ،و عند وجود الإمكانية ،فان إدارة المستشفى المحول له المريض هي التي تتصل بالعلاج بالخارج لإحضار المريض،إضافة إلى أن بعض المرضى لا يستكمل إجراءات تحويلهم بسبب المنع الأمني أو إغلاق المعبر.
دعوة إلى الإعلام:
هذا و دعا مدير عام الشئون القانونية وسائل الإعلام المختلفة إلى العمل بمهنية و منهجية إزاء شكاوى الأخطاء الطبية و عدم تناولها من جانب واحد،بل يجب التأكد من الشكوى من خلال الاطلاع على ملف المريض و نتيجة التحقق في شكواه من عدة أطراف، وعدم التعامل معها من باب السبق الصحفي و أن المواطن دائما على حق ،لافتا إلى أنه في غالب الأحيان تكون شكوى المواطن بعيدة عن الحقيقة ،مما يسيء إلى الأطباء و إلى المؤسسة ،مشيدا بدور الطبيب الفلسطيني و عمله الانسانى،و انجازاته التي لا تحصى .
كما طالب أ.سليمان المواطن بأن يقدر عمل وزارة الصحة في تقديم الخدمات الصحية في ظل ظروف الحصار ،حيث أن الوزارة لديها بروتوكولات للتعامل مع كل حالة على حدة ،مؤكدا أنه كما أن المواطن له حق في العلاج في مؤسسات وزارة الصحة و خارجها فيجب على المواطن الحفاظ على هذه المؤسسات الطبية الحكومية و الخاصة بما فيها الطواقم الطبية التى تؤدى هذه الخدمة .
و لفت الغلبان إلى أنه و من خلال متابعة العلاج بالخارج ،وجد أنه عدد ليس بالقليل من الحالات المحولة للعلاج بالخارج قد توفيت أو حدث معها مضاعفات بعد العلاج، مستنكرا موقف المواطن الذي لم يفكر في تقديم شكوى ضد هذه المؤسسات الخارجية أو حتى تفحص إن كانت تسبب في الوفاة أو المضاعفات من عدمه.
و من هذا المنطلق فقد دعا مدير عام الشئون القانونية المجتمع الفلسطيني لإعادة الثقة لطواقمنا الطبية والمؤسسات الطبية و المحافظة عليها و على الخدمات الصحية المتميزة التي تقدمها.