بعد حريق ثلاث أطفال في دير البلح

الصحة:تحذر من وقوع ضحايا آخرين جراء استمرارأزمة الكهرباء

و الوزير نعيم: يقدم واجب لآل عائلة بشير

 

تعددت الأسباب و الموت واحد شهداء الحصار..شهداء الكهرباء..هذه هي ضريبة الحصار المفروض على أبناء قطاع غزة منذ أكثر من 6 سنوات،و التي سيحاسب عليها المتآمرين على قتل الأطفال و محاولاتهم الدنيئة لإفشال العمل الصحي،في قطاع غزة

ظلام دامس غطَّى المكان، ولفَّ الصَّمت أرجاء منزل رائد بشير في منطقة الحكر بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وما إن دقت عقارب الساعة الثامنة والنصف مساءً حتى كشف الستار عن فصل جديد من فصول الألم والمعاناة التي يعيشها القطاع بسبب أزمة الوقود والكهرباء.

 

صبري وفرح ونادين”.. ذابت أجسادهم لتنير ظلام غزة

أطفال بعمر الزهور ذابت أجسادهم بعد أن احترقت الشمعة التي أضاؤوها لتنير ظلام الحجرة، لتنطفئ بعدها شمعة حياة “صبري، فرح، نادين” بعد قضاء آخر ليلة لهم من ليالي غزة المظلمة، ليضافوا لركب من سبقهم من ضحايا الحصار.

 

 

مشهد المعاناة

و بدأت رحلة المعاناة من بداية إشعال زوجته شمعة لتضيء لأطفالها حجرتهم كي يناموا دون خوف بسبب انقطاع الكهرباء، فثبَّتت الشمعة على منضدة بلاستيكية واطمأنت على حال أطفالها وغادرت للحجرة المجاورة مع رضيعتها، بينما زوجها كان خارج المنزل، يكابد العناء من أجل سد رمق أسرته.

 

وما هي إلا لحظات معدودة، حتى وقعت الشمعة على الأرض، وسرعان ما بدأت تحترق السجادة ثم اشتعلت النيران بفراش الأطفال وحقائبهم المدرسية، لتلتهم بعد ذلك أجساد الأطفال الأبرياء.

 

وتناثرت أشلاء “صبري ونادين وفرح” المتفحِّمة في أرجاء الغرفة المحترقة، وسالت دماؤهم على أرضيتها المحترقة، في مشهد تقشعر لها الأبدان.

 

شاهد على الحادث

ويروى ابن عم الأطفال حسن بشير (18 عامًا) تفاصيل الحدث قائلاً “شاهدت حريقًا هائلًا في منزل عمي رائد فسارعت إلى البيت وحاولت الدخول، لكنَّ كثافة النيران والدخان حالت دون ذلك.. بعدها كسرت إحدى النوافذ، ودخلت مسرعًا إلى المطبخ”.

ويضيف “.. سمعت صراخ والدة الأطفال تقول ابنتي في الغرفة الثانية، فتمكن أحد أعمامي من الوصول للغرفة وإنقاذ الطفلة الرابعة.. حاولت الاقتراب مجدداً فلم أستطع، فالحريق التهم كل أرجاء المكان، وضخامته منعت أي شخص من الوصول للغرفة المحترقة”.

 

ويتابع “سمعت صرخات صبري ونادين و فرح تطلب النجدة، ولم نكن قادرين على الوصول للغرفة، بعدها وصلت سيارات الدفاع المدني، وقمنا بضخ كميات كبيرة من المياه في مكان الحريق، حتى تمكنا من إخماد جزء منه، لنصل إلى الأطفال، فوجدناهم جثثًا متفحمة من شدة الحريق”.

 

وكان وقع الحادث على الوالدين شديدًا ولا يحتمل، ولم يقويا على الخروج من المنزل حتى بعد إطفائه من شدة الصدمة،و لم يتمكنا من الحديث من هول الفاجعة .

هكذا سرق الموت أحلامهما ،و التي ذابت في ظلام دامس يخترقه نور شمعة خافت لتضيء لهم غرفتهم و هم في فراشهم لا يظهر منها إلا وجوه بريئة كانت تحلم بيوم جديد كالعصافير، ظنا منهم أنها ستنير لهم ما تبقى من أمل ليراها العالم أوقدت على محياها أسئلة كثيرة لمن جفت ضمائرهم واكتفوا بمواقف باهتة لم تمنع النيران من أن تحرق هذه الأجساد الصغيرة ولم ترحم براءتهم فغدرت بهم وأحرقت كل شيء في الغرفة لتجعل منهم فحما متوهجا و ملتصقا ببعضها البعض،و كأنهم تعاهدوا على عدم الافتراق حتى و هم جثث هامدة.

 

الأطفال عن طريق زراعة أجنة

ولم تتمالك عمة الأطفال نفسها وهي تتحدث فانهمرت بالبكاء، قائلة: “أخي رزقه الله بأربعة من الأطفال من الزوجة الثالثة بعد 12 عامًا من العلاج وعمليات زراعة الأجنة، الأمر الذي كلَّفه مبالغ كبيرة حتى تحقق حلمه، واليوم يفقد ثلاثة منهم باشتعال شمعة”.

 

وأوضحت بأن الأطفال لجئوا إلى إشعال الشموع داخل المنزل نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة واستخدام الأدوات البدائية نتيجة تواصل أزمة الوقود والكهرباء، مبينة أن أخيها يعمل على سيارة أجرة وكان وقت الحادث يبحث عن وقود من أجل تشغيل سيارته المتوقفة منذ عدة أيام.

 

هذا ولازالت دماءهم الزكية تعطر المكان وعلى ما تبقى من فراشهم المتواضع عله يرسم صورة للعالم الصامت و يستصرخه , ان ارحموا طفولتنا و كفى ظلما.

 

فمع كل شمعة تضاء تبدأ معها قصة معاناة تنتهي بكارثة تذبل براءة أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم أطفال غزة , فلا ندرى غدا من سيكون ضحية هذه النيران ؟ سؤال موجه من أطفال القطاع إلى كل ضمير حي.

 

الشمعة تحترق لتضيء لنا الطريق لكنها حرقت شموع وزهرات

الشمعة تحترق لتضيء لنا الطريق لكنها حرقت شموع وزهرات ، هذا ما بدأ به حديث د.نسيم حميدة رئيس قسم الاستقبال و الطوارئ في م.شهداء الأقصى حيث قال :”أنه تم في تمام الساعة التاسعة من مساء ذلك اليوم تم استقبال ثلاث جثث مفحمة بالكامل ،لم يتم التعرف عليهم من شدة التصاقهم يبعضهم البعض،وهم (الطفلة نادين رائد بشير 6 سنوات- فرح بشير 5 سنوات – صبري بشير 3 سنوات) ،بالإضافة إلى شقيقهم الطفل الرضيع (6 شهور) و الذي أصيب باختناق شديد حيث تم عمل له إسعافات أولية،عدا عن إصابة والدتهم بحروق خطيرة و لا تزال ترقد في العناية المركزة.

و أعرب د.نسيم عن بالغ أسفه لما تقشعر له الأبدان من المنظر الصعب الذي رأى الجثث فيها ، و الذي لا يستطيع وصفه من هول المشهد.

و أمام هذه الفاجعة الأليمة فقد حملت وزارة الصحة العالم بأسره وكل الأفواه التي تتغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان , المسئولية الكاملة عن حياة كل روح تزهق بغير حق , فصمتهم هو تشريع باطل لاستمرار الكارثة , فهاهي قائمة شهداء الأزمة ترتفع إلى خمسة شهداء بعد وفاة الطفلين محمد الحلو وبيسان المشهراوي .

 

وزارة الصحة تقدم واجب العزاء

هذا و قام وزير الصحة الدكتور باسم نعيم ووكيل وزارة الصحة الدكتور حسن خلف ومدير عام المستشفيات بالوزارة الدكتور مدحت محيسن وجمع من الأطباء وإعلاميي الوزارة،بزيارة خيمة عزاء الشهداء و تديم واجب العزاء لآل بشير على ما أصابهم من فقدانهم للضحايا الأطفال.

بدوره، تقدم وزير الصحة الدكتور باسم نعيم بتعازيه الحارة لوالد الأطفال، مؤكداً تضامن وزارته مع ما تعرضت له عائلة أبو بشير من استشهاد أطفالها الثلاثة والإصابات البالغة التي لحقت بعدد من أفراد الأسرة، إضافة لاحتراق منزلهم.

ووصف نعيم خلال جولة له في منزل العائلة، اطلع خلالها على الغرفة التي شهدت احتراق الأطفال الثلاثة الحصار على قطاع غزة بالـ”القذر”، مؤكداً أن الحصار لم يخلف سوى الحرائق في أجساد الأطفال.

وأشار نعيم إلى استقبال مستشفيات قطاع غزة يومياً العديد من حالات التشوه في أجساد الأطفال نتيجة حرائق المولدات والشموع التي يستخدمها المواطنون عوضاً عن التيار الكهربائي المنقطع بسبب الحصار الإسرائيلي.

 

 

و تبقى أرواح هؤلاء الأطفال خطايا معلقة في أعناق المسئولين الذين لا يسعنا إلا أن نقول لهم شكر الله سعيكم.

 

تقرير/نهى مسلم

 

 

 

وحدة العلاقات العامة و الإعلام