تمر علينا اليوم مناسبة يوم الطفل الفلسطيني والتي تأتي في الخامس من إبريل من كل عام، ولكنها تأتي هذا العام بمذاق آخر حيث نأمل كشعب فلسطيني أن يحتفل أطفالنا كباقي أطفال العالم في الدول المستقرة والدول التي تبنت مبادئ حقوق الإنسان لتحمي الطفولة، ويترعرع أبناؤها في بيئة تحفظ حياتهم سليمة معافاة من كل شر.
إن أطفالنا والذين يعانون اليوم ما يعانيه الكبار أصبحوا يظنون الظلام هو القاعدة وأن النور هو الاستثناء، أصبح الوقود والكهرباء بالنسبة لهم مصطلحات يتعلمونها مع حليب أمهاتهم إن كانوا رضعاً أو أصبحت تتداول في مواضيع الإنشاء في مدارسهم لأنها أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية، إنهم إن مر يوم عليهم لا يسمعون فيه أزيزاً للطائرات أو قصفاً للمدافع أو شاشات للتلفزة لا تعرض الأشلاء والدمار تعتبر هذه الأيام غير عادية، بل إن ألعابهم ولهوهم أصبحت جزءاً من حياة العسكر فهم لا يحلمون إلا بالحروب والمعارك والشهداء، فكل منهم فقد جاراً أو زميلاً مدرسياً أو أخاً أو أختاً وأم المصائب إن فقد أماً أو أباً أو كليهما معاً بدعوى الخطأ الغير مقصود لطائرة حربية استهدفت المنشآت وبكل وقاحة هي لم تستهدف الأشخاص أو بدعوى حماية الإرهاب الذي أصبح الأطفال في وطننا يعرفونه جيداً من شدة ما رأوا من إرهاب الدول وإرهاب الأنظمة وإرهاب الأجهزة وعلى رأس هؤلاء جميعا الإرهاب الإسرائيلي الذي أصبح لا يستطيع أحد من أصدقاء دولتهم المزعومة أن يدافع عنه.
إن يوم الطفل الفلسطيني يأتي هذه المرة وفي القلب غصة إثر احتراق الأطفال الثلاثة في مدينة دير البلح ليشهد العالم على عمق المأساة التي يحياها الطفل الفلسطيني في كل الاتجاهات وبالرغم من الأساطير التي يصنعها هذا الطفل الذي يضطر أن يعمل أحياناً ليعيل أسرة أعياها الفقر وأذلها العوز، لكنه يأبَى إلاً أن يصنع أسطورة الصمود ليقول للعالم إذا ما أراد عدونا أن يقتلنا فإننا نزرع بذرة الحياة من جديد .
إن مجتمعنا الفتي والذي يشكل أطفاله ما لا يقل عن 50% من إجماله ليشير لكل الدنيا بأن المستقبل له وإن الإرادة الصلبة من أجل الحياة ماثلة أمامه لا تثنيه عنها محاولات الإبادة وتحويله إلى مجتمع يتلهى بمحاولة البقاء من أجل الحياة فقط ولكن عنوانه إما الحياة بكرامة أو الموت بعزة وزرع الحياة لآخرين ليكملوا المشوار.
إننا وفي هذه المناسبة لنضع العالم أمام مسئولياته ليحيا أطفال فلسطين بنظرة إيجابية للعالم من حولهم ولن يتحقق ذلك إلا من خلال:
(1) توفير الحياة الكريمة لهم والتي تبدأ برعايتهم طبياً وصحياً مما يتطلب الوقوف إلى جانبنا في توفير الدواء والغذاء وكل ما يحتاجونه من مقومات للحياة الطبيعية.
(2) إنصاف طفولتهم والمحافظة عليها بريئة ولكنها مستنيرة تسير حسب أصول الحياة الكريمة.
(3) التصدي لمحاولات إذلالهم عبر وصفهم بالإرهاب وزجهم في السجون من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
(4) توفير المناخ السياسي والذي يصنع طفولة مستقيمة وينشئها في ظروف تنمي المواهب ولا تقيدها بالحرمان ولن يكون ذلك إلاً بإنهاء الانقسام والتفرغ لإرساء دعائم دولتنا التي ما زلنا في طور تحريرها.
(5) رفع مظاهر الحصار والسماح لأبناء هذا الشعب بالتنقل والتعامل بحرية مع سائر أنحاء العالم وذلك بفتح المعابر واتخاذ القرار الجريء بعدم قانونية هذا الحصار الظالم والذي يتحمل مسئولية الاحتلال ومن سلم له بذلك.
إن ذلك كله لن يكون إلا إذا تحقق العدل والإنصاف من قبل المجتمع الدولي للطفل الفلسطيني وعدم الكيل بمكيالين مع تقديرنا لكل من يقف إلى جانبنا من مؤسسات عربية ودولية نقدر لها كل عون ومساعدة تقدمها للشعب الفلسطيني.