تقرير:نهى مسلم/

تمزق جسد محمد لينثر أشلاءه على الجدران و يكتب عليها بدمه الطاهر(كفاكم قتلا للأطفال).  الطفل محمد استشهد ولم تكتحل عيناه برؤية والده كما لم تكتحل عيني الولد برؤية أبيه الشهيد ولم يشعر بحنان الأب،فآثر الرحيل  ليشعر به بجوار أبيه في السماء .

الطفل( محمد ابراهيم العلي) ابن العاشرة ربيعا ذهب ليشترى الحلوى لنفسه ولأخواته الثلاث ، حيث يسكن في أحد أبراج المقوسى ،و عاد بدون الحلوى التي كان يشتهيها بعد أن ركب المصعد ، قطعت الكهرباء فجأة وقطعت حلمه معها ليرحل قبل أن يأكل الحلوى.

 

لم تعد تحضنه

تحدث المكتب الاعلامى لوزارة الصحة إلى الأم المكلومة والتي كادت أن تنهار، واختنق صوتها من كثرة البكاء و الحسرة على فلذة كبدها فلم نعد نفهم من حديثها أي شيء حيث اختلطت لديها الكلمات و النبرات و الأحاسيس من هول الصدمة، كان محمد قبل لحظات في حضنها وعيناها ترقبه يجري ويلعب ويضحك ببراءة ، فلم تع بأنه هو الحضن الأخير و الفراق المرير ،”شعور لا يمكن أن يشعر به هؤلاء الذين يتلذذون بدماء الأطفال ويستمتعون بآلامهم، انعدمت عندهم كل معالم الاستحياء و الضمير فيصرون على تأخير وصول الوقود إلى القطاع ، لتحقيق مكاسب سياسة و مادية يظنون أنهم قد تنفعهم على مر الأيام.

 

أشلاؤه ..شاهد على الحقيقة

إن مشكلة الكهرباء والتي تتأرجح ما بين الحصار العالمي والحصار الإسرائيلي والإغلاق المصري والوعود العربية جعلت من أطفال غزة رجال قبل أوانهم و(الطفل محمد علي) واحد منهم يصعد وينزل إلي بيته في برج المقوسي في شارع النصر وغيره من الأطفال في الأبراج والعمارات العالية يصعدون وينزلون ولم يعد هناك فرق عندهم ما إذا كانت الكهرباء موجودة أم غير موجودة يدخل المصعد فورا وان لم تكن موجودة فانه يصعد الدرج دون تردد ولا نقاش .
الطفل (محمد العلي) وجد الكهرباء موصولة فصعد في المصعد الكهربائي بكل براءة،وفجأة انقطع التيار الكهربائي، حاول محمد الخروج من المصعد من خلال فتحة صغيرة كانتتفصل بين المنطقة التي علق بها وبين باب الخروج، لكن القدر أن تعود الكهرباء ليسحبالمصعد محمد فيضعه بين الحائط والمصعد ويفارق الحياة وما هي إلا لحظات حتى انقطعت الكهرباء وعلقت يده بالمصعد ثم عادت الكهرباء فصعقته ولم يدر به احد فلاقى ربه شهيدا.

 

انقطاع الكهرباء دون سابق انذار

فهكذا تجسدت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة،حيث أصبحت خطرا يهدد المواطنين الآمنين في بيوتهم و المرضى المنومين على أسرة الرعاية الصحية في مستشفيات قطاع غزة و خاصة في الأقسام الحيوية،كما أن  التذبذب المستمر في انقطاع التيار و القطع المتكرر في الساعة الواحدة دون سابق إنذار يشكل الخطر الأكبر و انعدام الأمان في الصعود في المصاعد الكهربائية كما حدث مع الطفل محمد ،كما و أنه يشكل موتا حقيقيا للمرضى الموصولة أجسادهم بالأجهزة الكهربائية و التي تؤدى إلى خلل في أداء هذه الأجهزة الطبية و بالتالي عطلها، مع نقص قطع غيارها في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من ست سنوات متتالية.

لذلك فقد أعربت وزارة الصحة عن قلقها البالغ جراء اشتداد أزمة التيار الكهربائي والمماطلة في وصول وتأخير الوقود إلى قطاع غزة الأمر الذي سيؤدى إلى حدوث كوارث إنسانية ووقوع ضحايا جدد كما حصل في حرق الأطفال الثلاثة في دير البلح و الشاب محمد العالول و غيرهم من سقطوا نتيجة صعقة كهربية من المولدات الكهربائية ،إلى جانب الذين توفوا و هم على سرير الرعاية الصحية  جراء تذبذب وانقطاع التيار الكهربي عن الأجهزة الكهربائية الموصولة بهم.

 

وحدة العلاقات العامة و الإعلام