alt

استنكر وزير الصحة الفلسطيني د.باسم نعيم، الثلاثاء، استمرار الحصار الذي تفرضه إسرائيل والمجتمع الدولي على قطاع غزة، مؤكداً أن ذلك مخالف لما يتغنى به العالم عنه من حقوق إنسان وقيم وأخلاق.

وأكد د.نعيم خلال لقاء أجرته معه صحيفة “صحة” المحلية، أن القطاع الصحي يعاني من تسييس ألقي بظلاله على المواطن وعلى المريض، مبيناً آثار الحصار على صعيد أزمة التيار الكهربائي وإغلاق المعابر والذي أثر بدوره على حياة الناس خاصة على الصعيد الصحي.

وبين د.نعيم أن وزارته توضع في خيارات صعبة بسبب الفتح المحدود للمعابر والذي يسمح بمحدودية سفر المرضى المحولين للخارج، قائلاً: ” إن وزراته توضع في مواقف صعبة حين توضع في خيار “من يحيا ومن يموت”.

كما ألمح د.نعيم إلى أزمة الدواء على صعيد نقص الأدوية والمستهلكات الطبية التي خلفها الحصار الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، مبيناً نفاذ أكثر من 250صنف من الأدوية الأساسية بشكل كامل.

كما ألقى د.نعيم مسئولية الحصار على قطاع غزة على كافة الأطراف الدولية والعربية الرسمية متهمة إياها بالمشاركة بالحصار وبالتالي المشاركة في قتل المرضى الفلسطينيين.

كما تحدث د.نعيم خلال اللقاء على الانجازات التي استطاعت وزارته تحقيقها قائلاً “بفضل الله استطعنا أن نحقق مجموعة من الانجازات وهي جزء منها متعلق بحالة الطوارئ والآخر متعلق بالمشاريع لصالح تطوير الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين”، مشيراً إلى أن وزارته تسعى إلى تخصيص جزءاً من طاقتها البشرية والمادية للتعامل مع الأزمة.

وتابع د. نعيم حديثه عن الانجازات قائلاً “في عهدنا تمكنا من زيادة عدد الأسرة من 1500 سرير إلى 2000 سرير والسرير هنا يعني تكاليف عالية جدا، اضافة إلى افتتاحنا العديد من المستشفيات الجديدة ومراكز الرعاية الأولية والخدمات الصحية الجديدة على صعيد القلب والعيون والعظام وزارعة المفاصل والمناظير وغيرها في جميع التخصصات”.

وشدد د.نعيم حرصه على انهاء ملف العلاج بالخارج قائلاً: “حينما نتحدث عن تطوير الخدمة الصحية فنحن نسعى لتقليل السفر للخارج حتى يتم فك الارتباط مع الاحتلال وتقاريرنا تؤكد أن هنالك ابتزاز اسرائيلي لكافة المرضى الخارجين للعلاج خاصة عبر معابر الاحتلال ومستشفياته”.

وتابع وزير الصحة إلى إنجازات وزارته على صعيد الحوسبة قائلاً: “خطونا خطوات كبيرة جدا بتكاليف بسيطة جدا نحو حوسبة الوزارة وصولا إلى الوزارة الالكترونية والحكومة الالكترونية وهو ما ساعدنا في الضبط الادراي واستغلال الوقت والنزاهة وترشيد النفقات”.

وحول إدارة وزارته لأزمة الدواء على الرغم من الأرصدة الصفرية قال د.نعيم: “نحن في أزمة وأحيانا تتحسن الأمور وأحياناً كثيرة تسوء وقمنا بمواجهة الأزمة من خلال وضعنا لخطة طوارئ وتواصلنا مع كافة من يمكنه مساعدتنا وبعض الحكومات والمؤسسات العربية والدولية وطرق كافة الأبواب من أجل حل أزمة الأدوية”.

وأشاد د.نعيم بدور العديد من المؤسسات التي رفضت أن تكون جزء من منظومة الحصار مثل الهلال الاحمر واتحاد الأطباء العرب ونقابة الأطباء المصريين والعديد من المؤسسات الدولية والأجنبية الرافضة للحصار والتي أصرت على مد يد العون وتقديم المساعدة.

وبين د.نعيم أن التكاليف التشغيلية لوزارة الصحة تصل إلى أكثر من 4-5 مليون دولار، موضحاً أن الحكومة الفلسطينية بغزة تغطي ما قيمته 10%من اجمالي النفقات بسبب الحصار المالي والسياسي الذي تمر به.

وأشار د.نعيم إلى وضع وزارته استراتيجيات لمواجهة الحصار ولكن العامل السياسي والانقسام بين الضفة وقطاع غزة هو من يعرقل دوما تلك الاستراتيجيات.

واستشهد د.نعيم بالمؤتمر الذي تم عقده في القاهرة مؤخراً قائلاً “كان لدينا مؤتمر قبل شهر بالقاهرة لحل أزمة الدواء حيث حيث تم طرح الأزمة بشكل تفصيلي على المنظمات ووفود الدول المشاركة لتتبنى كل دولة جزءاً من الأزمة الدوائية، لكن تدخلت أطراف سياسية في مقدمتها السلطة في اعاقة المؤتمر والضغط على المؤسسات لعدم تقديم الدعم”.

وحول علاقة وزارته مع الصحة في رام الله قال د.نعيم “كان التواصل مقطوع تماما في ظل الوزارة السابقة في الصحة على الرغم من حرصنا الكبير على التواصل من أجل ماهو في صالح الناس ولكن لم تكن هنالك استجابة، أما في ظل الوزارة الجديدة فواضح أن هنالك نوايا طيبة وكثير من الاحيان كانت نوايا طيبة ولكن لطالما اصطدمت بشرائح معينة باستمرار الانقسام وعدم المصالحة بسبب فوائد ومصالح شخصية”.

وأجاب الوزير سؤال الصحيفة عن الأخطاء الطبية قائلاً: “ليس لدينا في هذا الموضوع أي حساسية لأن العمل عمل بشري وامكانية حدوث أخطاء واردة كما في كل دول العالم حتى المتقدمة منها”، مضيفاً أن أبسط الأدوية لها مضاعفات قد تؤدي أحياناً لحدوث وفيات.

وتابع د.نعيم قائلاً: “نحن لا يحرجنا وصول أي شكوى على أي شخص أو على أي مؤسسة ولا أحد لديه حصانة مهما كان وبخصوص الوفيتين في الشفاء في قسم الولادة شكلنا لجان وحتى من خارج الوزارة ونحن هنا مسؤولين أمام رب العالمين قبل أن نكون محاسبين أمام أحد”.

وأشار إلى تلقي وزارته المستمر للشكاوي من الرقابة الداخلية وعبر العديد من الدوائر قائلاً: “تصلنا الشكاوى من الرقابة الداخلية وعبر العديد من الدوائر وحتى من المواطنين فأرقامنا معروفة للجميع وتصلنا الشكاوى من الجميع ونتفحص كل شكوى وتدخل في مسارها المعهود”.

وتابع قائلاً: ” شكلنا أكثر من 145 لجنة تحقيق في شكاوي الناس خلال العام الماضي، اتضح خلالها وجود 27 حالة قصور 15 في المستشفيات الحكومية و9 لدى القطاع الخاص ونحن نحاسب موظفينا في حالة القصور وإن ثبت في التحقيق القصور والاهمال الطبي”، موضحاً أن غرامات مالية واعفاءات من المهام ومحاسبات قانونية جرت على المخالفين.

وأشار إلى إشادة العديد من مؤسسات حقوق الإنسان ومن بينها الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في تعاون وزارة الصحة معها، مبيناً أن 100%.

وحول ملف العلاج بالخارج، قال د.نعيم إن الملف شائك وبه فساد كبير وتتحمل مسؤوليته السلطة، حيث إن كل الأموال التي تخصص للوزارة يتم صرفها على نفقات العلاج بالخارج.

وأكد د.نعيم أن ملف العلاج بالخارج تتحكم فيه بالكامل وزارة الصحة في رام الله، مؤكداً أن وزارته لم تصل إلى توافق معها بخصوص تحييد القطاع الصحي عن آثار الإنقسام.

وأشار د.نعيم أنه بالإمكان تقليص حجم ملف التحويلات بالخارج من 120مليون دولار إلى 10مليون دولار إذا ما تم تطوير الخدمات الصحية في الأراضي الفلسطينية والاستثمار في القطاع الصحي المحلي.

وحول علاقة وزارته بالقطاع الخاص، قال د.نعيم سعينا إلى دعم القطاع الصحي كونه جزءاً من تطور القطاع الصحي ولكن لدينا مشكلة في ضعف القطاع الخاص والتي يتسبب بها ضعف الجانب الاقتصادي لدى المواطنين والفرق الكبير في التكلفة بين القطاع الحكومي والقطاع الأهلي.

ولكن الوزير استدرك قائلاً: “في الفترة الأخيرة بدأت المستشفيات الأهلية تخطو خطوات جيدة وتوفر لنا البديل في الكثير من الأحيان في حال شهدت مستشفياتنا ترميمات أو عطل لبعض الأجهزة في الأقسام”.

وحول تعطل العديد من الأجهزة والمولدات في الآونة الأخيرة، أكد د.نعيم أن المشكلة في تلك الأجهزة أنها معقدة التركيب وليس لدينا وكلاء للشركات المصنعة لصيانتها حيث يحتاج الأمر لاستقدام عامل لصيانتها أحياناً لشهور وأحيانا ترفض إسرائيل منح التراخيص اللازمة لطاقم الصيانة للحضور والصيانة إلى قطاع غزة.

وأشار د.نعيم أن وزارته كشفت حالات قليلة بتعمد تعطيل الأجهزة، مؤكداً أن وزارته قامت بالتحقيق ومحاسبة المسؤولين عنها من خلال لجان تحقيق حيث اتضح أن تلك الحالات تم التخريب بها لأهداف سياسية وأحياناً تعود للإهمال من قبل الطواقم المسئولة عن تلك الأجهزة.

كما تحدث د.نعيم عن انجازات وزارته بخصوص تطوير قدرات الكادر البشري قائلاً: “رغم كل الظروف الصعبة إلاّ أننا استطعنا تطوير قدرات الكادر الشري حيث لدينا أكثر من 130 طبيب مبتعث للخارج و190 ملتحق ببرامج البورد الفلسطيني حيث تعمل طواقمنا في تنمية القدرات البشرية كخلية نحل من أجل تطوير قدرات الكوادر الطبية .

وأكد د.نعيم عمل وزارته على استقطاب العديد من الأطباء من الخارج للاستفادة من تجاربهم، إضافةً إلى عمل وزارته على ارسال الخبراء من أطباء ومهندسين للخارج لحضور مؤتمرات ودورات في اطار تطوير قدراتهم.

كما نوه د.نعيم إلى جهود وزارته على صعيد الخطة الصحية الإستراتيجية التي وضعتها في الآونة الأخيرة، قائلاً: ” نحن لدينا تعاقد مع الجامعة الإسلامية بتمويل من الهلال الأحمر القطري لوضع خطة استراتيجية بما يضمن تقديم أفضل خدمة للمواطن الفلسطيني وهنالك 13 ورقة عمل يعمل بها خبراء بحيث في نهاية العام الحالي ستكون من مدتها من العام 2012 وحتى العام 2017″.

وفي إطار النظرة المستقبلية لواقع القطاع الصحي في قطاع غزة، قال د.نعيم: “لو تفكك الحصار سيكون هنالك تطور كبير وستكون غزة هي منطقة جاذبة لعلاج المرضى من مختلف الدول العربية بسبب انخفاض سعر الخدمة المقدمة وجودة العلاج المقدم”.

وأشار وزير الصحة وفقاً لدراستنا فإن نسبة الرضا عن العلاج المقدم في مستشفيات الوزارة تخطت 80% بالمئة وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة بالظروف الصعبة التي يعانيها القطاع الصحي.

وأوضح د.نعيم “لدينا كوادر طبية مميزة واعتمادنا الأكبر على الكادر البشري ورأس مالنا هو العقل البشري وهو في ذات الوقت العامل الأكبر في الدول المتطورة”.

كما تمنى د.نعيم في ختام اللقاء على المواطنين أن يتفهموا حجم الضغوطات على الكادر الطبي في المستشفيات والناتجة بدورها عن نقص الامكانيات الناتجة عن الظروف الصعبة التي يعانيها قطاع غزة.