الطب الشرعي وأهميته القانونية

  • إحسان البرعي

الإدارة العامة للشئون القانونية

وزارة الصحة

إن ضبط المجرمين وتقديمهم للعدالة، يبدأ أولا بالبحث عنهم وعن أدلة ضدهم، وهذا ما يعرف بالتحقيق الجنائي الذي يهدف إلى حل الألغاز المحيطة بجريمة ما ولقد استفاد المحققون كثيراً من التطور العلمي في جميع المجالات، ما مكنهم من إيجاد طرق اثبات قادرة على الوصول للحقيقة مهما حاول المجرمون اخفاءها. ومن هذه العلوم التي استفاد النظام القضائي منها هو الطب مما تولد عنه ما يعرف بالطب الشرعي، والذي قدم الدلائل والبراهين التي ساعدت جهاز العدالة على حل المعضلات المطروحة عليه.

  1. تعريف الطب الشرعي: (الطب العدلي)

الطب الشرعي هو مصطلح مكون من شقين هما: طب وشرعي أما الطب فهو العلم الذي يهتم بكل ماله علاقة بجسم الانسان حياً كان أم ميتاً، وأما الشرع فيقصد به القانون الفاصل في النزعات بين الأفراد أما مسألة تبعيته لأي وزارة فلقد نصت المادة “2” من قانون الطب الشرعي الفلسطيني رقم 7/2011 من الفقرة الثانية بأنه يخضع المركز الطبي الشرعي إدارياً ومالياً لوزارة العدل وفنياً لوزارة الصحة أما في مصر فيتبع وزارة العدل وفي المملكة العربية السعودية يتبع وزارة الصحة وفي الولايات المتحدة الأمريكية يتبع وزارة الداخلية

  1. الطبيب الشرعي

عرف قانون الطب الشرعي الفلسطيني رقم 7/2011 في مادته الأولى الطبيب الشرعى (هو طبيب اختصاص في الطب الشرعي ومرخص له مزاولة المهنة) أما التعريف الفقهي للطبيب الشرعي: هو الطبيب الذي يستعان بمعلوماته وخبراته الطبية الشرعية لخدمة العدالة عن طريق كشف غموض الجانب الطبي للقضايا المختلفة التي تعرض عليه ويعتبر شاهداً فنياً محايداً أمام الهيئة القضائية التي قامت باستدعائه.
 

  • تنظيم مهنة الطب الشرعي في فلسطين على ضوء قانون الطب الشرعي 7/2011
  • لقد نص قانون الطب الشرعي في مادته الأولى الفقرة “أ” ، أنشأ مركز الطب الشرعي وتكون له الشخصية الاعتبارية والمستقلة ويكون مقرة الرئيس في مدينة القدس وفرعان أحدهما في مدينة بيت لحم والآخر في مدينة غزة ولم يقيد القانون عدد الفروع فأباح المشرع فتح فروع أخرى حيثما لزم وأوضحت نفس المادة في الفقرة “2” بأن هذا المركز يخضع إدارياً ومالياً لوزارة العدل، وفنياً لوزارة الصحة. كما حددت المادة الثالثة مهام وصلاحيات المركز بما يلي:
  • الاشراف على الطب الشرعي في فلسطين.
  • مساعدة الجهات العدلية في الكشف عن الجريمة.
  • وضع السياسة الفنية لأعمال الطب الشرعي.
  • رفع مستوى العاملين في الطب وأصحاب العلاقة.
  • المساهمة في تطوير مناهج تعليم الطب الشرعي.

كما نصت المواد 6،5،4، 7،8 على تشكيل المجلس الاستشاري لمركز الطب الشرعي وحددت صلاحياته وصلاحيات رئيس المركز والمدير التنفيذي.

  • اختصاص ومهام الطبيب الشرعي: –

من الملاحظ أن قانون الطب الشرعي رقم “7” لعام 2011 قد تضمن بشكل واضح مهام الطبيب الشرعي مقسماً توزيع المهام إلى ماديتن المادة “9” وتختص بمهام الطبيب الشرعي بناءً على طلب النيابة المادة “10” مهام آخري إضافة لما سبق بناءً على طلب الجهات المختصة.

  • مهام الطبيب الشرعي بناءً على طلب النيابة:

يقوم الطبيب الشرعي بالمهام التالية بناءً على طلب النيابة: –

  1. فحص المصابين لتعيين الإصابة وزمن حدوثها وسببها والأداة المستعملة في إحداثها.
  2. تشريح الجثث والأشلاء لبيان سبب الوفاة وتاريخها والتعرف عليها وأخذ العينات اللازمة.
  3. حضور عمليات نبش القبور واستخراج الجثة لوصفها أو تشريحها وبيان سبب الوفاة.
  4. تقديم تقرير طبي بكل مهمة يكلف بها في نطاق اختصاصه، على أن يكون التقرير سرياً، ويتم اعتماده بتوقيع المدير ومصادقة الرئيس.
  5. إصدار إشعار وفاة يقدم للجهات المعنية.
  • مهام الطبيب الشرعي بناءً على طلب الجهات المختصة: –
  1. إبداء الرأي الفني في الوقائع الطبية المعروضة أمام القضاء.
  2. الكشف الصحي على السجناء المحكوم عليهم نهائياً والسجناء المطلوب الإفراج عنهم صحياً.
  3. تقدير العمر عند عدم وجود وثيقة رسمية به.
  4. الكشف على مدعي الجنون قبل الأمر بإيداعه إحدى المصحات النفسية تحت الملاحظة.
  5. الكشف والمعاينة في مكان وقوع الحادثة لبيان كيفية وقوعها وفحص الآثار والأدلة الجنائية.
  6. تحنيط الجثث المجهولة المراد تسفيرها خارج الوطن.

ولقد متع المشرع الطبيب الشرعي بالاستقلالية في إبداء آرائه الفنية بشأن القضايا التي تعرض عليه، غير أن هذه الاستقلالية ليست مطلقة بل مقيدة تحت مراقبة واعتماد المدير التنفيذي لمركز الطب الشرعي وكذلك لرئيس المركز الطب الشرعي.

  • الاعتراض على تقرير الطب الشرعي أو تقرير المخبرى الشرعي:-

لقد نصت المادة “12” من ذات القانون على حق النيابة أو ذوي العلاقة الاعتراض على التقرير الطبي الشرعي أو تقرير المخبري الشرعي أمام المحكمة المختصة.
في حال الاعتراض على التقرير الطبي الشرعي نصت الفقرة “3” من المادة “12” من ذات القانون على تشكيل المجلس لجنة اعتراضات مكونة من ثلاثة أطباء استشاريين ليس بينهم واضع التقرير ونفس الحال في الاعتراض على تقرير المخبري الشرعي على أن تصدر اللجنة قراراها خلال اسبوعين من تاريخ الاعتراض ويكون قرار اللجنة بخصوص الاعتراض المنظور قطيعاً بعد اعتماده من الرئيس ومصادقتة من وزير العدل.

  • بخصوص البيانات الخاصة بتقرير الطب الشرعي:-

لم يحدد قانون الطب الشرعي الفلسطيني رقم 7/2011 ماهية البيانات التي يجب أن يتضمنها التقرير الشرعي وبناءً على ذلك سوف تستعين بالفقه القانوني لتحديد البيانات الخاصة بالتقرير.

  1. ذكر الجهة التي قامت بانتداب الطبيب الشرعي.
  2. ساعة ويوم إجراء العمليات المرتبطة بالمهمة المكلف بها.
  3. تحديد هوية أو أوصاف المتوفي أو الشخص الذي خضع للفحص، أو الجهة التي أوكل إليها تحديد الهوية في حالة عدم توفرها.
  4. المعاينة ووصف الحالة.
  5. الاجراءات والتحاليل والخبرات التي قام بها على العينات التي تم رفعها من الأجسام ونتائجها.
  6. وصف المواد والأدوات المستعملة في الجريمة.
  7. الأسباب المحتملة للوفاة .
  8. الخلاصات والنتائج المتوصل إليها.
  9. إرفاق مع التقرير صور توضيحية أن وجد.

في حال تعذر معرفة هوية الشخص يقوم الطبيب الشرعي بأخذ البصمات والعينات والصور وكل ما من شأنه أن يعرف هويته أو الاستعانة بجهات المختصة لتحديد هويته.
كما ينبغي أن يقتصر التقرير على الأمور الفنية التي تدخل في نطاق اختصاص الطبيب الشرعي ولا تمتد إلى الأمور القانونية.

  • نص قانون الطب الشرعي رقم 7/2011 في المادة “13” على بعض الأمور يمنع الطبيب الشرعي من ممارستها ومنها:-
  1. لا يجوز للطبيب الشرعي بأي حال من الأحوال معاينة محل الحادث أو إجراء الكشف الطبي للجثة أو إجراء التشريح في الليل إلا إذا رأت النيابة ضرورة ذلك.
  2. لا يجوز للطبيب الشرعي إجراء التشريح في حالات الوفاة الطبيعية أو حوادث الطرق أو حالات السقوط والتهدم والغرق والحرق وحوادث اللدغ ونحوها، مالم تشتبه النيابة في حدوث جريمة.
  3. لا يجوز تشريح جثث الأشخاص المشتبه في سبب وفاتهم ولا يجوز دفنها إلا بأذن من النيابة.

وفي النهاية لا يسعنا القول إلا أن وجود كثير من النصوص تحتاج إلى لوائح وأنظمة توضيحية نهيب بجهة الاختصاص بالعمل على انجاز العمل في هذه اللوائح والأنظمة للحاجة الماسة لتنفيذ هذا القانون بشكل صحيح.